مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

الشاعر عيد حميدة يكتب: الفشارون

2024-09-14 10:17 PM - 
الشاعر عيد حميدة يكتب: الفشارون
عيد حميده - شاعر
منبر

طائفة الفشارين كانت ومازالت موجودة فى حياتنا والفشر لديهم ليس مؤذيا بل هو مجرد كلام لتزجية الفراغ لا أكثر وقد يحتوى الفشر على بعض المبالغة والأخبار شديدة الغرابة التى لا يصدقها العقل البشرى إلا أن أولئك الفشارين يمتلكون القدرة أو إن شئت قل الموهبة في تغليف هذا الكذب المباح "من وجهة نظرهم" بإطار من الواقعية المفرطة حتى يستوى الأمر عند المتلقى ويكاد يشك أن ما يسمعه واقع وحقيقه إلا أن عقله القاصر لا يستوعبه أو أنه لم يصل بعد إلى درجة الإدراك التى تقوى فهمه وهذا الصنف من البشر يتعمدون الجلوس وسط الناس لإبراز مواهبهم فى الفشر على الحاضرين والغريب فى الأمر أنهم يلقون ترحيبا حارا من الجمهور بالرغم من أنهم يدركون أن ما يستمعون إليه ليس إلا ضربا من الخيال الواسع
إنهم أحفاد أبو لمعة كبير الفشارين. أحدهم كان فلاحا بسيطا لا مكان له سوى الحقل الذى يقضى فيه جل وقته بدءا من شروق الشمس حتى المغيب 
وكان يحرص على تقضية أمسياته وسط أقرانه من أهل منطقته الريفية فلم يكن في ذلك الوقت من وسائل التسلية سوى التلفاز الأبيض والأسود ولم يكن يمتلك هذا الجهاز سوى بعض الأفراد القلائل. وذات مرة جلس صاحبنا مع أصدقائه على"المصطبة" وطالبوه ببعض حكاياته وطبعا لم يوضحوا له أنهم يريدون أن يسمعوا "فشرة " من فشراته... ولم يكذب خبرا وشرع في الحكى دون مقدمات قائلا:
كنت فى الغيط ذات يوم وكان موسم رش القطن بالمبيدات عن طريق الطائرات المخصصة لذلك ولاحظت أن الكابتن الذى كان يقود الطائرة أجنبيا من خلال عينيه الزرقاوين وشعره الأصفر وعندما كان يهبط الطيار فوق أشجار القطن  لمسافة قصيرة جدا  وكانت إحدى الفلاحات تحمل الجرة "على رأسها ولاحظ صاحبنا الطيار  يطيل النظر ناحية الفلاحة وظن أنه يقوم بمعاكستها وهنا فار الدم في عروقه والحاضرون  كلهم آذان صاغية لما سوف يفعله صاحبنا وبالفعل سألوه..وماذا فعلت لكى تؤدب هذا الطيار ؟ قال لهم دون أن يفكر:...أبدا "حضنت "عليه بالموتوسيكل بتاعى وزنقته فى شجرة وتفيت " في وشه وستر ربنا إنه ما خبطش  في الشجرة اللى قدامه كان زمانهم بيدفنوه دلوقتى!!!
وانفجر الحاضرون في الضحك وطالبوه بواحدة أخرى ولم يكذب خبرا قائلا لهم كنت ذات ليلة عائدا من الغيط وكنت جائعا جدا وتصادف أن مررت على حقل مزروع بالخس وكان الطريق طويلا جدا فنزلت الحقل واقتلعت واحدة صغيرة" من الحقل وتناولت منها عودا بعد عود حتى مللت وأحسست بالشبع ثم قمت ب"تنفيضها" بيدى فوقع منها........"ثعلب.
والجميع قد استلقوا على ظهورهم من شدة الضحك ومن هول الصدمة غير المتوقعة مع أنهم لم يسألوه: كيف كان يختبئ هذا ال"ثعلب" داخل" الخساية" التى كان يأكل منها وكيف يحدث هذا وال"خساية" كانت صغيرة كما قال لهم في بداية حديثه وما الذى كان يحدث لو أنها كانت كبيرة.؟!
كل هذه الأسئلة لم يلقوا لها بالا المهم أنهم ضحكوا وانبسطت أساريرهم دون أن أذية لأحد .

مساحة إعلانية