مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

المنتصف المميت - قصة قصيرة

2023-08-19 20:49:59 - 
المنتصف المميت - قصة قصيرة
منه الله أشرف
منبر

منة الله أشرف 
صوت حطام تبعته صرخة عم صداها نواحي الغرفة، ضربات قلبه تتدافع الواحدة تلو الأخرى تكاد تخترق صدره معلنة عن ضيق المكان بها، تزداد تشنجات جسده بشدة، رعشة شديدة تملكت ساقيه حتى جثا أرضًا يحث جسده على الزحف تجاه أحد أركان الغرفة، تتصاعد الأفكار وتتزاحم في عقله بشكل متتال، يتزايد الألم أعلى جفنيه، وأنينهُ يعلو أكثر وأكثر، وضع يدَيْهِ على رأسه وبدأت رؤيته بالتشوش تدريجيًا عقب إغلاقه لعينيه ليعم الظلام  في كامل الأرجاء. فتح عينيه بعد أن تسللت إليها أشعة الشمس من خلف الستار، وبعد أن أعد نفسه تمامًا، ركب سيارتهُ متوجهًا إلى ذاك الحدث الذي انتظره منذ وقت طويل.
ــــ مبارك، لقد كان الافتتاح رائعًا، تستحق هذا النجاح بعد كل ما بذلته من جهد. 
ـــــ  شكرا لك، فهذا القول من شخص مثلك يعني لي الكثير، لا أكاد أصدق أنني حققت مرادي أخيرًا. 
في وسط تلك المباركات والتهاني وبعد أن سادت الفرحة أرجاء المكان صدر صوت من بعيد أخذ مجرىً مختلفًا تمامًا عن الأصوات المحيطة به، بدأ الصوت في العلو تدريجيًا تزامنًا مع تشوش رؤيته واختفاء معظم الناس من حوله. رعدت في قلبي نبضة  دوَّى صداها جميع أنحاء جسدي، أيقظتني من شرودي لأدرك بعدها أنني ما زلت جالسًا بمكاني وأمامي فنجان القهوة منذ ساعتان على الأقل، بدأت ألتقط أنفاسي محاولًا استيعاب أن حياتي ما زالت كما هي وأن كل ما حدث منذ قليل كان مجرد وهم بعقلي، وما لبثت أن أهدأت قليلًا حتى أخذني عقلي لِيحطَّ بي مجددًا في حرب نفسية لا حصر لها، يتلاعب بي كليًا، يتخبط بي يمينًا ويسارًا، يرتفع بي لأعلى انتصاراتي ويردعني إلى الحضيض تمامًا، حتى كدتُ لا أعرف أين أنا، فلا عشت بالواقع ولا تمكنت من الخيال، كل ما أدركه أنني بالمنتصف تمامًا، أو كما يسمونه…المنتصف المميت. قطع حبل أفكاري رنين الهاتف، لم أدرك مرور ساعة أخرى حتى بدأ صديقي بالصراخ يحثني على الإسراع واللحاق به إلى العمل.  

مساحة إعلانية