مساحة إعلانية
في ظل التحديات الداخلية و الخارجية التي تواجه الأوطان يصبح العمل الحزبي ركيزة أساسية لبناء حياة سياسية قوية تستند إلى قيم الانتماء و الولاء المؤسسي لا للأفراد فالتجارب التاريخية تؤكد أن الأحزاب التي قامت على الولاء للشخصيات سرعان ما انهارت بينما الأحزاب المؤسسة على الالتزام الفكري و التنظيمي و المبادئ المستقرة استطاعت أن تستمر و تؤثر في مسار شعوبها .
إن الولاء للمؤسسة لا للأشخاص قيمة مهمة و العمل الحزبي ليس ساحة لتقديس الأفراد أو تمجيد الزعامات بل هو منظومة فكرية و تنظيمية تعكس رؤية وطنية فإذا ارتبطت القواعد الحزبية بشخصيات بعينها فإن الحزب يفقد تماسكه بمجرد رحيل هذه الشخصيات أو تغير مواقعها أما إذا ارتبط الولاء بالمؤسسة فإن الحزب يستمر و يكبر و يترك بصمة راسخة في الحياة السياسية .
إن قيم الالتزام والانضباط ايضا مهمة للعمل العام و الالتزام الحزبي يعني انضباط الأعضاء خلف رؤية واضحة و برنامج محدد بعيداً عن المصالح الفردية أو النزاعات الشخصية فالعضو الملتزم هو من يعمل في إطار المصلحة العامة ملتفاً حول الأهداف و البرامج و السياسات التي تعبر عن الحزب لا حول شخصيات قد تتغير بمرور الزمن و هذا امر طبيعي و سنه من سنن الحياة .
فبناء مستقبل حزبي مؤسسي ليس امرا سهلا و لكي نحقق مستقبل سياسي مؤسسي قائم على أحزاب قوية لا بد أن نؤسس لثقافة حزبية راقية قائمة على الولاء للفكرة و البرنامج لا للأشخاص و المشاركة الفعالة للأعضاء في صياغة القرارات و كذلك إعداد كوادر مؤهلة قادرة على تولي المسؤوليات مع تداول القيادة بشكل ديمقراطي يضمن استمرار المؤسسة الحزبية .
حينما يتحول الالتزام الحزبي إلى قيمة أصيلة في العمل السياسي تتحقق عدة مكاسب منها الاستقرار السياسي عبر أحزاب قوية و متماسكة و بناء وعي جماهيري يدعم البرامج لا الأشخاص و تحقيق رقابة حزبية فاعلة على أداء الدولة و الحكومة مع إعداد قيادات مستقبلية قادرة على صناعة القرار .
إن بناء مستقبل حزبي مؤسسي لن يتحقق إلا بترسيخ ثقافة الالتزام الحزبي الحقيقي القائم على الولاء للفكرة و البرنامج لا على الأشخاص و الزعامات المؤقتة فالأشخاص يرحلون لكن المؤسسات تبقى و تؤسس لحياة سياسية راسخة تحقق قيمة مضافة للوطن و المجتمع و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين .