مساحة إعلانية
إيمان السيد عبد الله
عجوز على مشارف الثمانين تتكئ على كرسي متحرك داخل غرفة بيضاء الطلاء، بسيطة الأساس، تنظر صوب باب غرفتها ومقلتاها معلقتان على الرقم المكتوب؛ هذا الرقم الذي طالما رافقها طيلة عمرها في السراء والضراء، ترتسم ابتسامة على محياها في حزن حتى ما إن فُتِح الباب غابت ابتسامتها تاركة للحزن السيادة ليتربع على عرش وجهها، لكنها اعتادت على ذلك في الساعة التاسعة من صباح كل يوم، تدخل الممرضة الفظة غليظة القلب تحمل صينية عليها كوب ماء وتسع حبات دواء في غرفتها المرقمة برقم تسعة، تقول لها بمكرٍ:
ـــــ ألم يأتِ عزرائيل لزيارتك بعد؟
تأخذ العجوز كلماتها اللاذعة ودواءها المر على مضض، فما عساها تفعل! فقد ملت من المقاومة والمجادلة مع أُناس نسوا إنسانيتهم ودفنوا أدمياتهم قبل العمل في هذا المكان القاحل. أخدت تردد داخلها تلك الكلمات مع ابتسامة ودمعة مكثت في عينيها تأبي الخروج:
ــــ أنا في سجن دون قضبان، جئت للتعافي، ولم يكن دائي سوى الجنون.