مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ليست مصادفة أن يعود الرئيس عبدالفتاح السيسى من جولته الافريقية التى زار خلالها أنجولا وزامبيا وموزمبيق، ليلتقى فى القاهرة برئيس الحكومة العراقية محمد شياع السودانى، حيث يتحرك "السيسى" وفقا لخريطة الدبلوماسية الرئاسية المرسومة بعناية، فى إطار علاقات تقوم على التوازن والندية فى المصالح المتبادلة والانفتاح على المنطقة والعالم إقتصاديًا وسياسيًا، ومصطلح "إقتصاد" هنا لايعنى التبادل التجارى والسلعى والنفطى فقط، ولكن هناك الاستثمارات والتدفقات النقدية وأعمال إعادة الإعمار والمشروعات العملاقة التى تنفذها الشركات المصرية من ساحل المحيط الأطلنطى فى أفريقيا غربًا إلى قلب وشمال آسيا شرقاً.
وفى هذا السياق جاءت زيارة رئيس الحكومة العراقية ليس فقط لتوقيع بروتوكولات بشأن تكرير النفط العراقى وتصديره عبر قناة السويس والموانئ المصرية، ولكن هناك خبرات مصرية وتجارب ناجحة ورائدة فى مجال القضاء على الإرهاب وتحقيق التعايش المذهبى والطائفى من خلال تجديد الفكر الدينى ونشر الوعى السياسى، ولا سيما أن الزيارة تأتى فى ظل أجواء تنبض بالديموقراطية وتصاعد الحقوق السياسية والمدنية فى ظل حوار وطنى بناء شاركت فيه المعارضة قبل الموالاة، بل وأعلنت القوى الداعية لانتخابات رئاسية مبكرة أن وجود الرئيس الحالى نفسه هو الضامن الذى منحهم ثقة للمشاركة فى تجربة تؤخذ المقترحات فيها مأخذ الجد، ومن ثم يتوقع المراقبون أن تكون لمصر تجربة ملهمة للجميع فى مجال الحوار الديموقراطى السياسى، على غرار تجربتها فى دحر الإرهاب من ناحية والقضاء على الفيروسات والأوبئة الفتاكة من ناحية أخرى.
ومثلما يسافر الرئيس السيسى إلى دول الخليج والصين لجذب الاستثمارات إلى مصر، يلتقى بقيادات أفريقيا والعراق وليبيا لبحث فرص ضخ الاستثمارات المصرية داخل هذه الدول التى تتوق لإنشاء بنية تحتية وطرق وكبارى وسدود ومشروعات عملاقة متميزة على غرار التجربة المصرية، ومنها ما دمرته الحروب ويتطلع إلى إعادة الإعمار، خاصًة وأن العراق تحديدًا دولة بناها المصريون على أكتفافهم قبل عقود لست ببعيدة، وهى الآن تستعيد قواها كإحدى الحضارات العربية العريقة التى لم تسبق حضارتها القديمة سوى الحضارة المصرية، ولذلك اشتملت مذكرات التعاون التى تم توقيعها خلال الزيارة بين القاهرة وبغداد على ما يتعلق بالتطوير الإدارى والتدريب الدبلوماسى والتنمية السياحية ليعود العراق العظيم إلى العالم دولة قوية ثرية إقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا وثقافياً كما كان دائماً.
وعلى خلفية ذلك لم يأت رئيس حكومة بلاد الرافدين بمفرده بل جاء على رأس وفد ضم وزراء كثُر من بينهم وزير الإعمار والإسكان والبلديات ووزير التجارة ووزير الكهرباء ومحافظ البنك المركزى العراقى ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار وعدد من المسئولين ورجال الأعمال، كما التقى خلال زيارته بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وزار مسجد الإمام الحسين رضى الله عنه فى إطار التقارب المذهبى الذى تتجه إليه مصر والمنطقة بخطى واثقة، ولذلك أشار "السودانى" فى تصريحاته بالقاهرة إلى أن بلاده كانت أحد أكثر البلدان التى تعرضت لهجمة إرهابية، مشددًا على أهمية نشر الخطاب الدينى المعتدل الذى يمثل سماحة الإسلام الحقيقية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
