مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

عالم السياسة

الثعلب مات.. وفاة هنري كسينجر ميكافيللي واشنطن

2023-11-30 12:57 PM - 
الثعلب مات.. وفاة هنري كسينجر ميكافيللي واشنطن
كسينجر
منبر

كتب- سيد طنطاوي 

عن عُمر ناهز الـ100 عام رحل أكثر سياسيي ودبلوماسيي العالم خبرة، وأكثرهم صناعة للأزمات وأكثر صاحب رؤى للحلول، إنه وزير الخارجية الأمريكي هنري كسينجر، المُلقب بالثعلب.

ظل عقل كسينجر هو عقل السياسة الأمريكية على مدار أكثر من 60 عقدًا من الزمان، سواء كان داخل الوزارة أو خارجها، إذ كان رجل أمريا الأول في المهمات المستعصية، وهو الرجل الذي كان ثعلبًا في علاقته مع الشرق الأوسط، ولم يطلق عليه لقب الثعلب من فراغ، بل كان مكارًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ يبدو في أحاديثه الدبلوماسية أننا أمام حمل وديع، لكنه ثعلب سيأكل حينما تتحين الفرصة.

كان كسينجر وزيرًا للخارجية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، ولعب دورًا لصالح إسرائيل في تخفيف وطأة الهزيمة في 6 أكتوبر 1973 عليها، ما أنه كان اللاعب الأبرز في الحرب الباردة التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية، ونجحت بها في تفكيك الاتحاد السوفيتي.

كسينجر من مواليد عام 1923، بما يعني أن وفاته جاءت في مئويته، ولا يمكن أن يغيب عن تحليل سياساته أنه كان فارًا مع عائلته من ألمانيا النازية، والتي وصلت الولايات المتحدة في عام 1938.

بعدما أصبح مواطنًا أمريكيًا عام 1943، خدم في فرقة الجيش الرابعة والثمانين من عام 1943 إلى عام 1946، وحصل على النجمة البرونزية لخدمته الجديرة بالتقدير، وكذلك انضم بعد ذلك إلى فيلق الاستخبارات المضادة في ألمانيا، حتى عام 1959".

كان كسينجر صاحب سياسة التقارب مع الجميع، وكان صديقًا للكل، لكنه في حقيقة الأمر كان ينطبق عليه مثل صديق الكل ليس صديقًا لأحد، فهو الذي أطلق عجلة التقارب بين واشنطن وموسكو وبكين في سبعينيات القرن الماضي، لكنه كان جنديًا مخلصًا للعم سام في الحرب الباردة أيضًا، وحصل على جائزة نوبل للسلام تقديرًا لجهوده السلمية خلال حرب فيتنام، مناصفة مع الفيتنامي لي دوك ثو.

تشابكت في يده أيضًا كل خيوط الشرق الأوسط، وهو صاحب فكرة مفاوضات كامب ديفيد، وصولًا إلى اتفاقية السلام المصري الإسرائيلي، وهو صاحب كلمتين تبينان ماذا فعل في سياسة العالم، وهما: إن كل حرب في الشرق الأوسط تصبح أزمة عالمية، وحرمان العرب من حقوقهم يجعل السوفييت مصدر تهديد.

لم يكن يعرف الموانع، بل هو الميكافيللي الأكثر إخلاصًا للمبدأ اللعين، فبرغم دوره الدبلوماسي البارز، إلا أنه صاحب سجل حافل في الموافقة على انتهاكات حقوق الإنسان ووصفه معارضوه، في جميع أنحاء العالم بأنه مجرم حرب، إذ قدم الدعم للديكتاتور العسكري الإندونيسي في غزو تيمور الشرقية، ودعم غزو أنغولا من قبل نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وعمل مع وكالة المخابرات المركزية للإطاحة برئيس تشيلي المنتخب ديمقراطيا، كما سمح بالتنصت على الصحفيين وموظفيه.

مساحة إعلانية