مساحة إعلانية
يقول أحمد لطفى السيد " نشأتُ فى أسرة مصرية صميمة ، لا تعرف لها وطنًا إلا الوطن المصرى ، ولا تعتز إلا بالمصرية ، ولا تنتمى إلا لمصر ، ذلك البلد الطيب ، الذى نشأ
التمدّن فيه منذ أقدم العصور ، وله من الثروة الطبيعية ، والشرف القديم ، ما يكفل له الرقيّ والمجد ..!
ولقد ولدت فى 15 يناير سنة 1872 م بقرية " برقين " من أعمال مركز السنبلاوين بمديرية الدقهلية ، وهى قرية صغيرة كان تعدادها فى ذلك الحين يبلغ مائة نفس ، ويشاع بين أهل الريف أن اسمها " النزلة " ، وربما سميت باسم " برقين " الفلسطينية ..!
و سكانها زرّاع ماهرون ، مشهورون بالجد والنشاط والاستقامة ، وكان والدى " السيد باشا أبو على " عمدة هذه القرية ،كوالده " على أبو سيّد أحمد " ، وكان يجيد حفظ القرآن الكريم كله ، وعرف بشخصيته المهيبة وقوة شكيمته وعدالته فى معاملته ، وعطفه على أهل قريته وغيرهم ، وأذكر أنه ما قسا علىّ يوما ، ولا وجّه إلىّ كلمة نابية ، بل كان - طيّب الله ثراه - عطوفا حكيما فى تربية أبنائه ، يعتنى بحسن التوجيه والإرشاد
ولما بلغت الرابعة من عمرى ، أدخلنى كُتّاب القرية (وكانت صاحبته سيدة تُدعَى "الشيخة فاطمة " و إلى هذه السيدة يرجع فضل تنشئتى الأولى فى تلك السنين ") فمكثت فيه ست سنوات ، تعلمت فيها القراءة والكتابة ، وحفظت القرآن كلّه ، و كنت أجلس مع زملائى على الحصير ، ونصنع الحبر بأيدينا
ثم تخرّج أحمد لطفى السيد فى مدرسة الحقوق ، وكان قد تعرف - أثناء الدراسة - على الإمام محمد عبده ، وتأثر بأفكاره ، كما تأثر بملازمة جمال الدين الأفغانى ، و تأثر بقراءة كتب أرسطو ( ونقل بعضها إلى العربية ، مثل كتاب الأخلاق والسياسة) ، وكتابه " قصة حياتى " يروى فيه مذكراته
( وتنبع أهمية ذلك الكتاب من كونه يسلط الضوء على حياة أحد رواد النهضة المصرية من رواد مدرسة الفكر الوطنى المصرية ..!)
وله مؤلفات تزيد على الأربعين مؤلفا ، و هو واحد من أبرز المثقفين المصريين فى القرن العشرين ، وقد وصفه العقاد بأنه بحق " أفلاطون الأدب العربى " ، وأطلق عليه لقب " أستاذ الجيل" ، وأبو الليبرالية المصرية ، و أصبح نائبا فى مجلس الشيوخ المصرى ، ويُعدّ بأنه صاحب إسهامات عديدة ، ليس فقط على المستوى الفكرى ، لكن أيضا على المستوى الحركى ، فقد شغل العديد من المناصب السياسية الرفيعة فى الدولة ، كمنصب وزير المعارف ، ثم أصبح وزيرًا للخارجية ، و وزيرًا للدولة ، ونائب رئيس الوزراء ، وتحققت فى عهده الكثير من الإنجازات .. خاصة فى الجانب التعليمى والثقافى ، و رئيسا لمجمع اللغة العربية ، ورئيسا لدار الكتب المصرية ، ولقد نادَى بتعليم المرأة، وهو - أيضا - صاحب طرح الدعوة إلى القومية المصرية كأساس لانتماء المصريين ، كما أسس "حزب الأمة المصرى" ، وكان سكرتيرا عاما لهذا الحزب ، ورفع شعار ( مصر للمصريين )، و أسس عددا من المجامع اللغوية والجمعيات العلمية ، وكان وراء حملة التبرعات الخاصة بإنشاء أول جامعة أهلية فى مصر عام 1908م التى تحولت فيما بعد إلى جامعة حكومية تحت اسم "جامعة فؤاد الأول" - جامعة القاهرة الآن - ومديرا للجامعة المصرية ، و فى عهد رئاسته للجامعة ، تخرجت أول دفعة من الطالبات عام 1932م ، ولقد عرض عليه الضباط الأحرار - فى ثورة يوليو 1952م أن يصبح رئيسا لمصر، لكنه رفض (حسب كتاب " أعلام مجمع اللغة العربية" ) وهو صاحب المقولة الشهيرة (الاختلاف فى الرأى لا يفسد للودّ قضية) ، ورفض إنشاء المدارس الأجنبية فى مصر، توفى أحمد لطفى السيد فى 5 مارس سنة 1963 م (عن 91 سنة ) ، ولديه ابنة واحدة هى " عفاف لطفى السيد" أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا ..!