مساحة إعلانية
كتبه / أحمد أبوتليح
لقد أهتم العالم أجمع بدراسة الحضارة المصرية القديمة ؛لدرجة أنهم أفردوا علما خاصا لها سمى باسمها؛ ألا وهو علم المصريات ( Egyptology ) ذلك العلم الذي يدرس حاليا في جميع مدارس ،وجامعات العالم ؛ ولكن اليوم سنركز حديثنا عن مدى تطور الطب عند القدماء المصريين ،والسبب الرئيس لذلك هو عقيدة البعث بعد الموت عند المصريين القدماء و اهتمامهم بالتحنيط مما سنح لهم دراسة تركيب الجسم البشري ومعرفة أدق تفاصيله . وقبل أن ندخل في طرق التشخيص والعلاج . دعنا نتعرف على مسببات المرض لدى عقيدة المصري القديم . أولاها ضعف العقيدة ،والإيمان لدى المصري القديم قد يصيبه بالأمراض ؛ لذا كانوا يلجأون للجلسات الروحية ،والنفسية ؛لإعادة التوازن النفسي لدى المريض ،وغالبا كان يقوم الكاهن بذلك في المعابد . أما السبب الأهم هو تملك الروح الشريرة ،وانتقامها من الجسد بإصابته بالأمراض ، وذلك مرجعه أنهم لم يتوصلوا إلى إكتشاف الفيروسات، والبكتريا المسببة لتلك الأمراض . ولكن وصل تقدمهم في الطب إلى أنهم تخصصوا في الأمراض ؛فلكل مرض طبيب مختص كطبيب الأمراض الباطنة وطبيب العيون وطبيب الاسنان وطبيب الجراحة الخ ...
وتعد بردية أيبرس من أقدم وأضخم البرديات الطبية حوالي 3500 سنة قبل الميلاد وتحوي 700صفحة دون فيها 886 وصفة طبية لعلاج كل الامراض المكتشفة حينها. وتوجد حاليا في مكتبة جامعة لايبتزغ في ألمانيا.
وسوف نتناول فيما يلي بعض المحطات التي تقدموا فيها في كل تخصص .
البلهارسيا :- لقد أكتشف المصري القديم مرض البلهارسيا ،وهو نزول الدم من الدبر أو من مجرى البول ولقد قاموا بعمل لبوسات تحتوى علي مواد تقضي على دودة البلهارسيا .
وكانوا يعالجون الأمراض الباطنة مثل السعال والإمساك والإسهال وانتفاخ البطن والمغص بخليط من الأعشاب والزيوت ومستخلص بعض النباتات العطرية مثال القرنفل والرمان والحلف بر والتمر هندي والحلبة والشعير والعسل و زيت الزيتون
أمراض النساء والتوليد :-
ذكر في بعض البرديات :أن المصري القديم كان يقوم بتحديد نوع الجنين قبل اختراع السونار؛ عن طريق وضع قطرات من بول السيدة الحامل على طبقين في إحداهما حبوب الشعير وفي الطبق الآخر حبوب القمح . فإذا نمت حبوب الشعير فقط يكون الجنين ذكرا، وإذا نمت حبوب القمح تكون المولودة أنثي وإذا لم ينبت أي منهما يكون الحمل كاذبا . وذكر هذا بالتفصيل في بردية موضوعة في متحف برلين . وبردية كاهون التي تحتوي على 35 وصفة طبية ومحفوظة بمتحف المتروبوليتان في نيويورك وبردية كارلسبرج الموجودة في معهد المصريات في جامعة كوبنهاجن الدنماركية .
ولقد تمكن المصري القديم من تشخيص انسداد قناة فالوب عن طريق وضع بعض من الثوم في مهبل المرأة المتزوجة ويقوم الكاهن بشم فمها بعض بضعة ساعات. فإذا وصلت الرائحة للفم تكون الأنابيب سالكة ويمكنها الحمل ، وإن لم تصل الرائحة للفم ؛ تكون الأنابيب مغلقة وهذا يشبه عندنا أشعة الصبغة التي يتم من خلالها تحديد موضع الانسداد .
كما دونت بعض الجداريات كرسي الولادة ؛الذي تجلس عليه السيدات أثناء الوضع. ذلك الكرسي الذي تم تطويره الي سرير الأن .
الجراحة العامة والتخدير :-
برع المصري القديم في الجراحة العامة والتخدير والدليل ؛ تقدم الأدوات الجراحية التي وجدت في بعض المقابر بالإضافة إلى العديد من الأدوات الجراحية المرسومة في البرديات كالمشارط والسكاكين الصغيرة والملاقط كما كانوا يستخدمون خيوط الكتان في قطب الجروح الغائرة .
وفي عملية الختان للذكور .كانوا يستخدمون تلك الأدوات
وكانوا يقومون بتحضير المخدر الموضعي ؛بوضع الخل على نوع من الأحجار ،وناتج التفاعل يتصاعد غاز بارد يخدر الجزء المراد بتره في عملية الختان كما أنهم استخدموا عفن الخبز كمضاد حيوي بما يعرف الأن بالبنسيلين الذي يدعي الاوربيون انهم هم من اكتشفوه .

العظام وعلاج الكسور :-
تقدمت مصر القديمة إلى أبعد حد في علاج العظام من التهابات روماتيزمية وكسور . حيث كشف عن معجون يتكون من الرمال والجير لعمل جبيرة لعلاج الكسور . ولكن المفاجأة عندما قام المتحف البريطاني بعمل أشعة إكس على إحدى المومياوات .شاهدوا مسمار طويل داخل العظمة الفخذية، ومثبت بمسامير حلزونية ولها جوانح للتثبيت وعندما شاهد أحد أطباء العظام البريطانيين تلك الصور قال :لو تم إكتشاف تلك المومياء، وتصويرها مبكرا كانت وفرت علينا خمسون عاما في تطوير أشكال المسامير التي كنا نستخدمها منذ خمسون عام . وحين وقفت إحدى المواطنات الأوربيات أمام المومياء، وسجل عليها قصة مسمار تثبيت العظام قالت لصديقتها: أين كنا نحن والمصريين القدماء يسطرون تلك العظمة ؟
قالت: لها كنا نعيش في الكهوف .
عملية التربنة :-
تلك العملية الخطيرة التي يتم من خلالها عمل ثقب في جمجمة الرأس لتفريغ سوائل محتبسه أو إجراء جراحة في المخ . وجدت مومياء بها تلك العملية وتم تصوير ذلك بالأشعة السينية ، و رأوا ثقبا مستديرا في عظام الجمجمة كما نقوم نحن الأن بعمله بما يسمى بعملية التربنة .
عمليات البتر والأجهزة التعويضية :-
لقد استعادت مصر طرف صناعي( من الخشب والجلد ) لقدم مبتورة من بريطانيا .
وعند تحليلها تم تحديد أنها مستعملة لوجود تآكل في الجلد الموضوع بين المفاصل الصناعية لتسهيل الحركة .

طب الأسنان : -
كان يعالج المصريين القدماء آلام الأسنان بالقرنفل ،وبعض النباتات المسكنة كالقنب والخشخاش .
ولكن الأغرب تم إكتشاف فك لمومياء بها أسنان صناعية؛ تم تركيبها، وتثبيتها في اللثة بكوبري من أسلاك معدنية غير قابلة للصدأ ؛كالكوبري الذي يتم استخدامه حاليا في تقويم الأسنان .
الرمد :-
كانت منتشرة قديما أمراض العيون من التهابات صديدية وخلافه وكان الكهنة يعالجون العيون بعصير البصل والزيوت والكحل .
بل والأغرب من ذلك وجدوا عين زجاجية في إحدى المومياوات . بما يعرف بالجراحة التجميلية لفقد العين أثناء الحياة .
من كل ما سبق يتضح لدينا بما لا يدع مجالا للشك أن القدماء المصريين برعوا في كل صنوف الطب ، وتقدموا تقدما ملحوظا طبقا لمعطيات العصر آنذاك ، وأن هذا التقدم قوامه البحث العلمي والتجارب العملية مما حذا بالأوربيين تطبيق نظريات العلاج المصرية . والأدهى من ذلك يقال أن الطب الصيني مأخوذ عن الطب المصري القديم في كثير من جوانبه . ولا يسعنا إلا أن نقف مدهوشين من تلك الحضارة العظيمة التي بنيت منذ سبعة آلاف عام بينما كانت باقي الامم تحبو في مهدها
