مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

جلسة فاشلة

2023-07-30 12:46 AM - 
جلسة فاشلة
صورة تعبيرية
منبر

جنة محمد كمال
الثانية عشر ليلًا، يعم البيت الهدوء، وأمامي فوق المكتب ذلك الكوب الزجاجي فارغ مثلي، أحسست أنه يحدثني: هيا يا إلياس، إنها فرصتك الوحيدة للنجاة، شيء ما بداخلي دفعني إليه مسرعًا ألقيته على الأرض بقوة؛ فتناثر أشلاءً متفرقة تمامًا كقلبي، أمسكت قطعة زجاج قبل أن يلاحظني أحد، تنهدت وفعلتها في رسغي الأيسر، ليكن موتي بيدي التي أكتب بها! لا أتذكر ما حدث بعدها؛ غير أني استيقظت على صوت احتكاك أسرة المشفى السوداء، محاط بهالة من الأطباء ذوي الثياب البيضاء، التفت يمينًا لأجد أمي ثم التفت يسارًا متخيلًا أبي وأخي، شعرت بالخيبة فحتى الموت لم أنجح به! سأخبرك بكل شيء، أنا إلياس عمري تسعة عشر عامًا، أدرس الطب الذي كنت آمل أن يساعدني في شفاء أخي من السرطان؛ لكنه لحق بأبي العام الماضي وتركني وحدي! كنت دائمًا ما أهرب من حزني، فأنا الآن رب الأسرة، وعلى عاتقي رعاية أمي التي لم يتبق لها سواي، كنت ذلك الشاب الثابت الذي لا تهزه المصائب لكنه أمام الناس فقط، أذهب إلى الجامعة كل يوم أدرس وأذهب بعدها للعمل، أبتسم في وجه الجميع وأقوم بكل المهام على أكمل وجه، وكلما هزمتني نفسي كنت أكتب، حتى تعبت وجاءت تلك الليلة؛ انفجر في وجهي كل ما كنت أهرب منه وقررت الخلاص!أخبرني لماذا لم تتوقف الحياة بعد رحيلهما؟ يقتلني ذلك التفكير في كل شيء؛ الماضي وألمه؛ الحاضر وما أعانيه؛ المستقبل وهل سأصمد؟ طوال هذا العام كنت أهرب من نفسي وأصارع اللا شيء، لا أعلم إلى أين علي الذهاب وماذا يجب أن أفعل، أنا تائه في تلك المتاهة المدعوة بالحياة، يقتلني كل ما مررت به كل ليلة، حتى شعرت أني رأيت من الحياة أكثر مما يحتمله عمري ولم أعد أملك الرغبة بالبقاء! نظر إليَّ الطبيب بصمت غريب ولم يجب، وهكذا انتهت الجلسة، جلسة نفسية فاشلة!

مساحة إعلانية