مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

حسني الإتلاتي يكتب : المرأة التي أنهت حياة أطفالها

2025-06-24 12:13:05 - 
حسني الإتلاتي يكتب : المرأة التي أنهت حياة أطفالها
حسني الإتلاتي

أصابتني صدمة نفسية عظيمة فقد طالعت خبر المرأة التي أنهت حياة أطفالها الثلاثة لأنها لا تستطيع الإنفاق عليهم قلت  ليس لي من العلم الشرعي لأحكم عليها بالجنة أو بالنار وليس لدي علم نفس أو علم اجتماع لأجد مبررا  كافيا لفعلتها ولكن أنا رجل يكتب الشعر ويعمل بالتدريس لكنني إنسان يمكنني الاعلان عن صدمتي العظيمة يمكنني أن أدق أجراس الخطر يمكنني  التأمل لأن مثل هذه الحوادث جرس إنذار للمجتمع المدني الذي تخلى عن وظيفة التكافل الاجتماعي وجرس إنذار للحكومة التي لم توفر فرص عمل مجزية للعاطلين هل زوجها متوفى ولم يكن لها دخل هل المعاش الذي تحصل عليه لا يكفي هل بحثت عن عمل لم تجد ؟ هل علم الجيران حالتها الاقتصادية  ولم يقدموا المساعدة أم أنهم في نفس ظروفها ؟ لماذا لم تتحول الأسر المصرية إلى أسر منتجة كل بيت يصنع ويزرع ويقدم منتجات تعود عليه بالربح 
هل هي  القسوة يمارسها الجميع ضد الجميع   الحكومة التي  تفرض الأسعار العالمية ولا تفرض الرواتب العالمية ولا تخلق فرص عمل برواتب تكفي والمجتمع الذي أغلق كل إنسان بيته على نفسه ولم يعد يسأل عن جيرانه
إن الأزمة ليست في إيجاد فرصة عمل الأزمة في الرواتب المتدنية التي لا تعطي العامل أملا في الحياة
 الشباب أصبح  عازفا عن الزواج فالشقق تبدأ من اثنين مليون ولا تنتهي بستة عشر مليون تجهيز البنات يحتاج مئات الألوف إذا اشتغل الشاب حصل على ثلاثة آلاف تكفي مواصلاته وساندوتشاته إذا جلس على المقهى يحتاج للاقتراض 
كيف توظفني براتب يكفيني مواصلات كيف أدبر مهرا وإيجار شقة  وكهرباء وغاز وبامبرز للمولود الذي سوف يأتي 
  قلت لولدي الذي تخرج منذ أربعة أعوام ويعمل بأقل من ثلاثة آلاف أو أقل من أربعة آلاف في الفترة الأخيرة لماذا لم تفكر في الزواج قال كيف أفكر وراتبي لا يكفي مصاريفي الشخصية  قلت له أنا خطبت أمك ومرتبي 156 جنيه فقال سنة كام قلت 1998 قال كم كان سعر جرام الذهب قلت ثلاثون جنيها قال يعني مرتبك كان يشتري خمسة جرامات ذهب أنا مرتبي يشتري نصف جرام أو أكثر قلت له مش كله بالذهب قال لي كم كان إيجار الشقة قلت خمسين وستين جنيه قال الآن ثلاثة آلاف وأربعة الحكاية يا أبي أن الأمر أصعب بكثير هل تعلم أنك حصلت على فرصة عمل حكومية أي استقرار وظيفي يمكن أن تدخل على بيت  أي واحد تطلب ايد بنته وانت مطمئن أما نحن وظائف بعقود وظائف موقته من يعطي ابنته لشاب وظيفته على كف عفريت قلت له سأساعدك ضحك الولد وقال حضرتك سنتين ثلاثة وتخرج علي المعاش وسوف أحاول أن أساعدك فضحكنا كثيرا لكنني حاولت إخفاء حسرتي العظيمة على مستقبل أولادنا فقد كنا على أيامنا يتخرج الشاب من هنا يتم تعيينه من هنا تتم خطبته من هنا وتعلو الأفراح والليالي الملاح والأب في عمر الأربعين يصبح جدا والأم في عمر الثلاثين تصبح جدة والفتيات من الستة عشر عاما يتم استهداف بيوت آبائهن رغبة في تكوين بيت سعيد حاولت أن أخفي حسرتي العظيمة وانا أرى الفتيات تكمل الثلاثين دون زواج والشباب تقترب من الأربعين دون زواج وهذا الأمر فيه مفسدة عظيمة
هل نحاكم المرأة التي أنهت حياة أطفالها أم نحاكم المجتمع الذي لم يعد يكفل الضعفاء والحكومة التي لا تخلق فرص عمل كافية ومجزية ولم تعجل بالحد الأدنى للأجور والمعاشات

مساحة إعلانية