مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

فــــن x فــــن

حميد الشاعري.. مايسترو الانقلاب الناعم لـ«المزيكا»

2023-11-29 12:14 PM - 
حميد الشاعري.. مايسترو الانقلاب الناعم لـ«المزيكا»
حميد الشاعري
منبر

كتب- سيد طنطاوي 

قدره صنع منه طيارًا، لكنه تمرد عليه ليترك لقب "كابتن" ويحصل على لقب "الكابو".. إنه حميد الشاعري، الشاب الذي يرتبط بذكريات ونوستالجيا أجيال شابة وأخرى قاربت على ترك هذه المرحلة.

البداية من بلاد الفارس عمر المختار "ليبيا"، التي شهدت ميلاد "الكابو"، حتى أرسله والده لدراسة الطيران في بريطانيا، لكن "حميد" اختار قيادة طائرة الفن، والتي قادها بجديده، إذ كان لديه مشروع طموح لثورة فنية، تُحدث التجديد المنتظر للأغنية.

"الكابو" كان مشروعًا كاملًا، فهو لم يكن ابن يوم وليلة في "المزيكا"، وإنما كانت بدايته هاويًا، حيث اعتاد إقامة الحفلات بمدينة بنغازي، كما أنشأ فريقًا غنائيًا تحت اسم أبناء إفريقيا يضم عددًا من المغنيين الأفارقة والعرب، لكن لم يستمر، وفي الثلث الأخير من السبعينيات انضم إلى فرقة الإذاعة الليبية كعازف أورج، لكن لم يدم انضمامه كثيرًا فترك الفريق بسبب اختلافات في وجهات النظر.

استغل "حميد" وجوده في بريطانيا واستأجر ساعات في الاستوديوهات، لتكون مطبخًا لثورته التي يعد لها، إذ لم يكن المشروع مجرد على نحو "حميد المُلحن"، أو "حميد المطرب" أو "حميد الموزع"، إنما كان إعدادًا نحو تغيير المفاهيم وتحطيم الثوابت الغنائية في مرحلة تواري السبعينيات، وبزوغ فخر الثمانينيات، لتبدو مرحلة الانقلاب الديمقراطي لـ"المزيكا"، خاصة مع ما أحدثه ظهور شرائط الكاسيت من مرحلة ترقب لانتظار ما ستسفر عنه من جديد.

بدأت الثورة الغنائية بإرهاصات، ظهرت في حالة يُمكن وصفها بأنها حالة الملل الغنائي، وهي ما عبر عنها الشاعر الغنائي عنتر هلال بقوله: "الفن في الفترة دي مكنش عايز ياخد النقلة الطبيعية"، وبدأت الضربة الأولى على دماغ الثوابت بألبوم "عيونها"، الذي فشل فشلًا ذريعًا للدرجة التي أحبطت صاحبه، بل كان الأمر كافيًا ليعود من حيث جاء، خاصة أن حجم المرتجع من شريط عيونها فاق الكمية المُنتجة، لأن المرتجع شمل النسخ المزورة أيضًا.

كارثة مرتجع عيونها، تعوضت لتجربة الكابو حينما وزعت أغنية "لولاكي" للمطرب علي حميدة 6 ملايين نسخة.

شريط "رحيل"، كان متشبعًا بتجربة "عيونها"، لذلك ضرب جرس إنذار مفاده أنه هناك جديد قادم في عالم الغناء، ونبه على أمرين الأول: هناك ثورة غنائية قادمة، والثاني كان رسالة طمأنة بأنه لا تخلي عن القديم وإنما ما لدينا هو دعوة صريحة للتجديد، وكانت هذه الرسالة صريحة في غناء "وين أيامك"، والتي كانت حافزًا جديدًا لإعادة غناء التراث ليس المصري أو الليبي فقط، وإنما دعوة لغناء أغاني التراث ككل بروح العصر.

ما جعل ثورة "حميد" قوية أنها جاءت منه بعفوية، وبرر ذلك بأن ما ساعده هو أن كان هناك استعداد لتقديم نفس اللون.

ابتسم القدر لـ"الكابو"، حينما وضع أمامه شركة "سونار" التي طبعت له أولى شرائطه عام 1983 وهو "عيونها"، بصُحبة فرقة «المزداوية» نسبة لناصر المزداوي، عازف الجيتار والموسيقي الليبي، قبل أن تكون معه أيضًا في ألبوم «رحيل»، بمصاحبة فرقة يحيى خليل، وألبوم «سنين» في العام التالي بمصاحبة «المزداوية» أيضًا.

ما يميز تجربة جيل حميد الشاعري أنها كانت شاملة، إذ لم تترك شيئًا في الغناء إلا وأصبغته بصبغتها الجديدة، فعلى مستوى الآلات أقر "حميد" أنه توسع في استخدام الآلات كمًا وكيفًا، إذ كثر استخدامها وكانت عاملًا أساسيًا في نجاح المطرب، ليُرسخ مفهومًا جديدًا أنه من عوامل نجاح المطرب ليس الصوت فقط.

على مستوى الزي، هدم الشكل النمطي للمطرب، فلم يعد شرطًا عليه أن يكون كلاسيكيًا بـ"بزة" رسمية، بل ظهر المطرب الشبابي الذي يرتدي الكاجول ما بين "تي شيرت وترنج".

انصهار فني حدث على يد حميد، إذ كان يمكن أن يلحن ويوزع لمطرب، ونفس المطرب يلحن لمطرب آخر، فيما كان المعطاء الأكبر هو حميد الشاعري، وذلك للدرجة التي دفعت المطربة "حنان" لتقول عنه: "حميد عنده كرم مرضي.

مع "حميد"، ظهرت أهمية التوزيع الموسيقي، خاصة أنه قدم توزيعات موسيقية فريدة، وكأنها ابتكار شاعري، واعتمد في كثير منها على آلات مثل الأورج والساكسفون، بالإضافة إلى التصفيق، ليقدم نموذجًا لاقى رواجًا كبيرًا في فترة تخبط على كل المستويات السياسية والاجتماعية، إذ بدأت مصر مرحلة سياسية مختلفة آنذاك، وصعود لتيارات سياسية واندثار لأخرى، كما أن المجتمع كان ينطلق نحو تماس أكبر مع أوروبا، مع مواجهة موجات تشدد قادمة بعد عودة المصريين من الخليج.

الاقتران باسم "حميد" كان كفيلًا بالنجاح، وممن أثر حميد عليهم وبزغ اسمهم معه علاء عبد الخالق، منى عبد الغني، حنان، محمد فؤاد، مصطفى قمر، هشام عباس، خالد عجاج، أنوشكا، سيمون، إيهاب توفيق، حكيم، محمد محيي، أحمد منيب، ومعه حصلت حنان على لقب أفضل مغنية بوب عربية، لذلك ليس غريبًا أن يكون جميدًا ابن هذا الجيل، وينصبه أبنائه "كابو" عليهم، ليصبح بالفعل ابن الجيل وأبوه.

ما لا يُمكن إغفاله أن "حميد"، قدم أسماءً للغناء لم تفكر يومًا في الاقتراب من الحقل الموسيقي، لأنها أصلًا لا تستحق طرق هذا الباب وليس دخوله، كثرة التسهيل وفتح الباب على مصرعيه لكل ذي حنجرة بشرية جعل الأمور تختلط، لكن غربلة التاريخ كانت بالمرصاد لسقطات "حميد" فهناك أسماء لم يتجاوز عمرها الغنائي شهور أو بضع سنين.

 من أهم المنتجين الذين تعامل معهم حميد الشاعري كلٌ من المنتجَين هاني ثابت وكمال علما أصحاب شركة سونار والتي من خلالها قدم حميد أول أعماله الغنائية والموسيقية بعد فترة من انتقاله إلى مصر وبالتحديد إلى مدينة الإسكندرية حيث يستقر أبيه وأقاربه من جهة الأم، ولكن كان والده يرفض عمل ابنه في المجال الموسيقيِ.

سونار شركة إنتاج موسيقى مصرية تأسست في عام 1980 من قبل رجل الأعمال المصري "هاني ثابت" ساهمت بإكتشاف العديد من المواهب الشابة و أنتجت العديد من الأعمال للعديد من نجوم الفن المصري بدأت علاقة حميد الشاعري و حكيم، حينما قدمه الكابو عام 1992 إلى شركة “سونار” للإنتاج الفني والتي كانت تعتبر أكبر شركة إنتاج وقتها، حيث يعد حكيم أول وأكبر اكتشافات “الكابو” في مجال الغناء الشعبي، والتي أصدرت له أول ألبومًا غنائيًّا بعنوان “نظرة”، وحقق نجاحا وانتشارا كبيرا، ليتعاونا سويا مجددا في عام 1994 في ألبوم “نار” والذي كان بمثابة انطلاق شهرة حكيم في مصر وتكوين قاعدة جماهيرية له.

مساحة إعلانية