مساحة إعلانية
كتب- سيد طنطاوي:
ربما كانت الصورة في السودان غير واضحة حول المعارك الضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فهناك من كان يرى هزيمة للجيش وتفوق لميليشيا حميدتي، وهناك من يرى العكس.
وبالأمس بدت الصورة أكثر وضوحًا بعد خطاب انهزامي أدلى به محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، والذي كان يحمل هذيانًا في القول، إذ اعترف بالهزيمة وبما كان يعقد من مؤامرات.
خطاب حميدتي كان كاشفًا لتعرضه لهزيمة في وقت قصير جدًا، إذ بدا مرتبكًا يستجمع الكلام استجماعًا دون ترتيب عن لقاءات سياسية سابقة ومفاوضات كشف أسرارها وحديث من كانوا فيها.
ووصل به الهذيان إلى اتهام مصر بضرب قواته بالطيران وهو ما نفته مصر في بيان لوزارة الخارجية وصفت فيه قوات حميدتي بـ"الميليشيا"، وهو وصف له دلالته، وهو أن مصر لا تعرف ولا تتعامل إلا مع الجيوش الوطنية، ولن تعترف بأي قوات أخرى ولن تخاطبها.
لم يكن لدى حميدتي كلامًا عسكريًا، إذ قال لمن هرب من قواته نحن سامحناك دنيا وآخره، ثم وجه أسئلة انهزامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى عندما قال للفريق عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني: تقابل ربك كيف، دمرت كل شيء ودمرت البلد".
لغة الخطاب حميدتي اختلفت تمامًا حينما عقد مؤامراته مع داعميه، حينما خطط ودبر ونفذ، بل إن تخطيطه وقت انقلابه على الجيش السوداني كان واضحًا فيه بصمات خارجية، بدليل أنه في إبريل 2023 بدأ معاركه بالسيطرة على القواعد الجوية للجيش السوداني، في حيلة معروفة استراتيجيًا لتحييد القواعد الجوية التي لا يمكن للميليشيا أن تتغلب عليها.
بدا حميدتي في الخطاب على حقيقته رجل عصابات، بدليل أنه أخذ يوزع الاتهامات على دول الجوار وأذربيجان وإيران وروسيا وأوكرانيا، كما اعترف بعدم الخبرة السياسية في تبرير لاحد الأمور، رغم إصراراه في السابق على أن يحظى بموقع سياسي.
حاول بكل الطريق استجداء الطائفية في السودان بعدما اتهم الجيش السوداني بقتل المسيحيين، والتآمر مع الفلول، والإسلاميين، في محاولة لإمالة الأطراف السودانية التي لديها مخاوف واعتراضات من الفلول والإسلاميين.
كما اعترف بانقطاع الإمدادات عنه، حينما استجدى قواته بقوله: "ما تضرب ذخيرتك، ما عندك إمداد".
الحقيقة أن ما تعرض له حميدتي خلال الأيام العشر الأخيرة، قد ترك تأثيرًا على عقله، بدليل أنه حينما همّ ليلقي الخطاب قال: أحييكم من هنا، وبدا كما لو كان تراجع او تذكر أنه لا يصح أن يذكر المكان الذي هو فيه، وبعيدا عن التحليلات حول المكان القابع فيه الآن، فإن المعلومة المؤكدة هي أنه خارج السودان.
كما أنه بدا محبطًا وليس لديه نيه لاستثارة أي أمور في جنوده، مكتفيًا باللغة الانهزامية، كما تحدث بأقوال هي حسب الأعراف السياسية والدبلوماسية لا تخرج لعن خاصة في حديثه عن دعم فاجنر وموقف روسيا، وتأكده من دعم دول كبرى للجيش السوداني عدها مرة بالخمس دول وفي مرة أخرى بالسبع دول.
نالت مصر قدرًا من اتهاماته الباطلة، حينما قال إن الطيران المصري ضرب قواته وشبهها بمعارك سابقة، لكن نفي مصر كان قاطعًا في بيان صريح لوزارة الخارجية، ووصفه البيان بـ"الميليشيا"، نافيًا مزاعمه، وجاء نصر البيان كالتالي:
تنفى وزارة خارجية جمهورية مصر العربية المزاعم التي جاءت على لسان محمد حمدان دقلو قائد ميليشيا الدعم السريع بشأن اشتراك الطيران المصري في المعارك الدائرة بالسودان الشقيق.
تأتى تلك المزاعم فى خضم تحركات مصرية حثيثة لوقف الحرب وحماية المدنيين وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية للمتضررين من الحرب الجارية بالسودان الشقيق.
واذ تنفى جمهورية مصر العربية تلك المزاعم فإنها تدعو المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميلشيا الدعم السريع.
ختاماً، تؤكد مصر حرصها على أمن واستقرار ووحدة السودان الشقيق أرضاً وشعباً، وتشدد على إنها لن تألو جهداً لتوفير كل سبل الدعم للأشقاء في السودان لمواجهة الأضرار الجسيمة الناتجة عن تلك الحرب الغاشمة.
اقرأ أيضًا