مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

طريق بلا نهاية - قصة قصيرة .. أحمد أبوتليح

2024-09-14 14:58:10 -  تحديث:  2024-09-14 15:39:55 - 
طريق بلا نهاية -  قصة قصيرة .. أحمد أبوتليح
أحمد أبو تليح
منبر

استيقظتُ من نومي مبكرا كالعادة ؛ للتوجه إلى عملي، وأنا بالطريق أقود سيارتي، سمعت من الراديو تنبيهًا، علي جميع مرتادي الطريق رقم 25 ب التوجه الي الطريق 12ج لوجود إصلاحات، لكن فات الأوان فأنا في منتصف الطريق الآن، وبعد قليل ظهرت أمامي حفرة كبيرة عرضها عشرون مترًا ومحاطة بسياج من الحديد. قادني تفكيري في الانحراف إلى اليمين، دخلت الغابة لكي ألتف حول الحفرة، وفي الطريق الترابي غير الممهد ظهر فجأة أمامي قطيع من الاغنام، لم أتمكن من التوقف قبل أن أصدم أحد الخرفان، ترجلت من السيارة مسرعًا لأطمئن علي الخروف وعلي السيارة، فوجدتُ شيئًا غريبًا ذهلتُ لرؤيته.
شاهدت الخروف سليمًا لم يخدش، بينما سيارتي تحطم الجزء الامامي منها، كأنها اصطدمت في جدار خرساني، وبينما أنا على تلك الحالة من الذهول، سمعت صوتًا من خلفي يقول:
- لا تقلق سنقوم بتصليح سيارتك على أكمل وجه، لكن لابد أن تذهب معي إلى قريتي بداخل الغابة. 
لم يسألني لِمَ صدمت خروفي، وبعد عدة دقائق وجدتُ الخروف، نهض كما لم تصبه السيارة. عقلي لم يستوعب ما رأت عيناي، قرأ الفتى حيرتي، قال:
- ستعرف كل شيء في موعده من أبي. 
تركت السيارة وذهبت مع الفتى الى القرية، من خلفنا قطيع الاغنام يصدر حفيفًا كصوت الاشجار، ولم أسمع منها صوت مأمأة الخراف، مما زاد من فضولى ودهشتي، أين أنا وما الذي ألقى بي هنا، أهو القدر أم حظي العاثر؟ 
وصلنا بعد ساعة من المشي على الاقدام إلى القرية، وعلى أطرافها بيت ريفي صغير يقطن فيه والد الفتى وأخاه الاكبر، أخبر الفتى والده بما حدث، قام الأب يستقبلني وأجلسني بجواره، قال لابنه الاكبر الذي كان معه في المنزل أن يقوم بإحضار بعض من اللحم من الشجرة الشمالية في فناء المنزل الخلفي. نظرت الى الرجل العجوز وقبل أن ينبس فمي بكلمة واحدة، قال: أعلم أنك في حيرة من أمرك ومندهش، كيف الخروف لم يمت؟ وكيف أحضر اللحم من الشجر؟ لسنا بمجانين يا ولدي ولكنها إرادة الله. 
راح الاب يقص عليّ تلك الاعجوبة : في يوم من الايام وقف زعيم الخراف، وهو يأكل من أوراق الشجرة محدثا إياها بحقد وحسد قائلًا: 
- يا لك من شجرة محظوظة! تأخذي غذائك من التربة دون رقيب أو حسيب، بينما تقدم لنا الوجبات في أوقات معلومة وبكميات محدودة، تكبرين وتمتدين لتصلي إلى عنان السماء، لكن عندما نكبر يقوموا بذبحنا وأكل لحومنا، وأنت لا تتحركين من مكانك، وغذاءك أسفل جذورك، بينما نحن يوميًا نذهب في رحلة الرعي ذهابًا وإيابًا كي نأكل الحشائش.
نظرت الشجرة الي الخروف، ضحكت، وقالت له: 
- كل ميسر لما خلق له. 
اعترض الخروف، وقال: 
-لِمَ لم أخلق شجرة وتخلقين أنت خروفا؟ 
قالت له الشجرة:
- أدعو الله أن يبدل خلقتنا .
في صباح اليوم التالي أصبحت الشجرة لحمًا بدلًا من الخشب، والخروف خشبًا بدلًا من اللحم، ومنذ ذلك الحين ظل كل شيء على وضعه الجديد، لكن ما زال الخروف متذمرًا وينادي النهر يوميًا:
- لماذا لم أخلق ماءً جاريًا لي حرية الحركة والانسياب؟ لا يلزمني غذاء ولا ماء، كل ما عليّ أن أجري حيث أريد.

مساحة إعلانية