مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

في مديح المحبة - الشجرة والهالوك

2023-12-14 12:38 AM - 
في مديح المحبة - الشجرة والهالوك
محمود رمضان الطهطاوي
منبر

محمود رمضان الطهطاوي
تبقي الشجرة العفية مغروسة وممتدة جذورها في عمق الأرض وطارحة بساقها القوية وفروعها فوق الأرض تمد بثمرها لكل من حولها، يستظل بظلها، ويؤكل من ثمرها، ويستفاد من خشبها، فكلها خير وعطاء... أما الهالوك المتسلق فوق ساقها بوهنه وضعفه وقلة حيلته حتي وإن حاول الظهور وإثبات وجوده فهو في النهاية نبته لا قيمة لها، لا جذر لها ولا فائدة، وستموت ولا تذكر. الشجرة عمر ممتد عبر الزمن، سامقة بحضورها، بعطائها، والهالوك كخيط العنكبوت، سرعان ما يزول. وهكذا أهل الفكر والأدب والفن والثقافة علي مر الزمان، منهم الشجرة الممتدة بجذورها في عمق الأرض، تطرح ثمارها علي مر الزمان، معمرة ومتجددة.
ومنهم الهالوك الذي يتسلق علي الأشجار ويحاول حضوره الوقتي والآني ،ولكن سرعان ما يموت وينسي ، فلا ذكر له .  ودفتر التاريخ يشهد علي ذلك ، فكل عصر يغربل ما سبقه من عصور ولا يتبقي في الذاكرة وفي دفتر الكون والتاريخ إلا الشجرة العفية المثمرة التي تلقي بثمارها وظلالها علي الإنسانية بطرحها المميز ، ويتساقط الهالوك ويردم في اكوام النسيان ، فهو لا يقدم ما يذكر ، ولا يضيف لرصيد الانسانية أي جديد .  ولذلك نذكر رفاعة الطهطاوي ،والعقاد وطه حسين ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ومصطفي أمين وهيكل وأم كلثوم وعبد الوهاب ونجاة وفريد الأطرش وفريد شوقي ومحمود المليجي وفاتن حمامة وغيرهم من رموز الفكر والثقافة والفن والصحافة مع أنه في كل عصر نجد أسماء كثيرة علي الساحة  ، ولكن لا يستمر حضور و لا يخلد إلا صاحب العطاء الحقيقي ، الشجر الممتد عمقه في عمق الإنسانية .  فما أكثر الهالوك ، وما أقل الشجر المثمر المعطاء 

مساحة إعلانية