مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
• مهداة:
إلى كل أب في عيد ميلاده الأول
(1)
لم يصدق نفسه فور أن سمع من أصدقائه في المدرسة أن الحكومة أصدرت قرارًا بعمل عيد للأب، كما هو الحال مع الأم.. فور أن انتهى مدرسه من حصة العربي، حتى أسرع إليه ليستفسر منه، عن صحة ما سمعه.. مبتسمًا.. أكد له المدرس أن يوم 26/6 من كل عام هو عيدًا لكل أب.. انشرح صدره فور أن تأكد من صحة المعلومة..
(2)
عاد إلى بيته..عندما رأت أمه السعادة تكاد أن (تقز) من وجهه الملائكي، بادرته عن السبب..أخبرها بما سمعه..
- الله يرحمه ويحسن إليه..
قالتها في حسرة شديدة..
- محتاج صورة لأبي..
قالها في لهفة وشوق إلى أمه..
- ألم أخبرك أنه لا يوجد صورة لأبيك..
- كيف هذا..؟!
- ألم أخبرك أن الصور الوحيدة له حُرقت مع محتويات البيت القديم..
غاضبًا..معترضًا..ظل يضرب الأرض بقدميه.. وضعت أمه يدها فوق كتفه، وراحت تقول:
- أعلم أنك لم ترَ أباك، فقد مات وأنت لم تزل في بيتي.. ولكنها إرادة الله، ولا راد لإرادته..
- محتاج صورة لأبي..
- لماذا..
- حتى أراه.. حتى أصافحه وأهنئه بعيده الأول..
- لماذا تريد صورة والأصل موجود..؟!
تعجب الابن من قول أمه.. مما جعله يحدث نفسه في همس شديد وحيرة أشد:
- إن كان هناك أصل لأبي كما تقول أمي، فلماذا لم تخبرني به من قبل ..؟!
- ملامح وجهك تقول إنك لم تصدق قولي، أوليس كذلك..؟!
تقولها أمه قاطعة حبل أفكاره.. التفت إليها وراح يقول:
- أين أصل أبي هذا يا أمي..؟!
- أنت.. أنت الأصل يا بني.. أنت صورة طبق الأصل من أبيك، وكل من يراك من الأهل أو الجيران دومًا يرددون هذا المثل في سعادة:
( اللي خلف ما متش) تبسم فرحًا راضيًا بما سمعه من أمه..
- وأين كان يجلسُ أبى معظم وقته يا أمي..؟!
- تعال معي..
قالتها أمه التي أخذته من يده، وأسرعت بها حتى توقفت في البرنده الواسعة أمام باب البيت، وسرعان ما راحت تقول:
- هنا.. هنا كان يحب أن يسند أبوك ظهره على هذا الحائط ليقضى معظم وقته..
شمس الصباح تدخل بقوة داخل البرنده..وقف مبتسمًا يتلمس ويقبل الجدار الذي كان يستند إليه أبيه..ظله صنع له شخصًا أكبر منه في الحجم، يقف أمامه على الحائط..تبسم بشدة.. مد الولد يده.. مد الظل يده.. تصافحا.. قال الولد لظله في سعادة:
- كل عيد أب وأنت سعيد يا أبي.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
