مساحة إعلانية
مكالمة الوداع
بينما أجلس مع أحد الأصدقاء رن هاتفي الجوال وإذا بي أنظر إلي الهاتف لكي أعرف من المتصل فوجدت علي شاشة هاتفي عمي عبدالحميد العمدة يتصل بك وعلي الفور قمت بفتح الخط والرد عليه .
جاءني صوته يقول ألو إزيك ياأيسر عامل إيه ياولدي ومراتك وإياد وأدم وأنس عاملين إيه إنتوا كويسين فأجبته الحمد لله ياعم عبدالحميد إنت عامل إيه وصحتك أخبارها إيه طمني عليك وعلي كل اللي عندك فقال لي كلنا كويسين يابوي .
* سألني عن صحة زوجتي وكيف هي الآن بعد إجراءها العملية الجراحية وأوصاني بأن أهون عليها في محنتها التي نمر بها وأن أكون بجوارها ولا أتركها وبأن الأمور ستكون أفضل بأمر الله وأن الطب تقدم وعلاجه أصبح متطورا وأن الأمراض لم تصبح مستعصية مثل ما كان في الماضي بسبب التقدم في طرق العلاج وظهور أنواع حديثة من الأدوية تقهر وتعالج هذه الأمراض.
* واستطرد حديثه بأن هناك فلانة كانت تعاني من مثل هذا المرض وبفضل الله والعلاج ذهب الداء وشفيت تماما وأصبحت تمارس حياتها بشكل طبيعي كماكانت في السابق قبل أن يصيبها الألم والأوجاع ويتسلل إلي جسدها هذا الداء اللعين.
* ظل عمي عبدالحميد وزوج أختي هذا الحنون الكريم طيب القلب المحب لكل من حوله يتحدث معي ونبرات صوته تشعرك بكم هائل من الحب والود والخوف عليا وعلي زوجتي وأخذ يوصيني عليهم ويشد من أذري وقال لي عارف ياأيسر ياولدي أنا قاعد علي الطريق في الهوا الجو إيه ما أقولش ياأيسر يابوي حلو قوي والله .
* ظل يحكي معي لما يقارب الساعة ويأتي بالحكايات من هنا وهناك من الماضي والحاضر ويضحك ويبتسم وكأنه لا يريد أن يغلق المكالمة وينهي الحديث حتي شعرت وللمرة الثانية في حياتي أنه سيفارقنا لماذا لا أعلم ولكنني شعرت بأنها مكالمة الوداع وهذا لم يحدث معي إلا مرة سابقة وأنا أتكلم مع أبي رحمه الله وشعرت بذلك وبعدها بساعات جاءني خبر وفاته .
* لم يغلق المكالمة إلا بعد التوصيات كعادته والدعاء لنا وسألني إذا ماكنت أحتاج لأي شئ سواء أموال أو غير ذلك فقلت له لا أحتاج سوي دعواتك والآطمئنان عليك وعلي أختي وأبناءها وأغلق المكالمة وبعدها جاءني خبر وفاته.