مساحة إعلانية
الحرايجة قرية صغيرة تقع على ضفاف النيل،فى قلب الصعيد ، أهلها يعيشون في سلام ووئام. في هذه القرية، سكن مجموعة من الدراويش الذين يشتهرون بحبهم للناس وزهدهم فى الحياة.
في المولد، تجتمع القرية كلها حول المنارة الكبيرة التي تتوسط القرية، ويبدأ الدراويش في إنشاد الأناشيد الدينية والمدائح النبوية. أصواتهم تملأ الأجواء بجو من الروحانية والسلام.
بينما كان الدراويش ينشدون، ظهر رجل غريب يراقبهم من بعيد. هذا الرجل يبدو مختلفًا عن بقية أهل القرية، يرتدى ملابس بسيطة ومتواضعة، وعيناه تلمعان ببراءة وصفاء كأنهما نجمتين ، سأل أحد الدراويش عن الغريب، فقيل له إنه احد المجاذيب المشهورين في المنطقةبابن التكية، كان يأتي إلى القرية في كل عام للمشاركة في احتفالات المولد.
بدأ المجذوب في الاقتراب من الدراويش، وبدأ يردد بعض الكلمات الغريبة والجميلة في نفس الوقت. كانت كلماته تلامس قلوب الحاضرين، وتجعلهم يشعرون براحة غريبة.
مع مرور الوقت، أصبح المجذوب جزءًا من الاحتفال، وبدأ يشارك الدراويش في الإنشاد . حيث تميز بصوت جميلً ومؤثرً، ينتهى الاحتفال بغروب شمس اليوم السابع من المولد ،ويغادر المجذوب القرية كما جاء. لكن الدراويش وأهل القرية لم ينسوا تلك الليالى الرائعة، وظلوا يتذكرون كلمات المجذوب وروحانياته العميقة،في الساحة تكية قديمة تقدم الطعام للفقراء والمساكين.
التكية مكانًا مقدسًا، حيث يجتمع الناس من جميع الأعمار والطبقات الاجتماعية لتناول الطعام معًا. التكية تقدم مجموعة متنوعة من الأطعمة الشهية. كالحساء الساخن، و فتة الأرز باللحم، والكشري، والمحشي، والفطائر المحشوة والخضروات. الأطعمة جميعها طازجة ومعدة بعناية، و رائحة الطعام تملأ الساحة وتجعل الجميع يشعر بالجوع.ولكن هذه الأطعمة باختلاف مذاقها لم تكن ندا لطبق النابت بالثوم النىء مع قليل من الكمون والليمون ،و بعض من قراقيش العيش الشمسى المحمصة جيدا.ذات يوم، جاء شاب فقير إلى التكية، وكان يبدو عليه الجوع الشديد. قدم له الطعام، وأكل بشهية كبيرة. بعد أن انتهى من الطعام، شكر القائمين عليه ، ابتسم القائمون على التكية وقالوا له:
"نحن لا نقدم الطعام فقط، بل نقدم الحب والتراحم أيضًا. نحن نؤمن بأن الطعام هو حق لكل إنسان، ولا يجب أن يحرم منه أحد."
و مرة تلو أخرى. ، أصبح الشاب جزءًا من عائلة التكية، يأتي كل يوم لتناول الطعام مع الأصدقاء الجدد الذين تعرف عليهم ويبدع فى الانشاد بينهم حتى لقبوه بعبدون قيل انه يوما ما ، رأى فتاة جميلة تُدعى "فاطمة". وكانت معروفة بكرمها وابتسامتها الدائمة. منذ اللحظة الأولى التي رأها شعر بشيء غريب في قلبه. لم يكن يعرف ما هذا الشعور، لكنه شعر براحة غريبة عندما يراها.
بدأ عبدون يزور فاطمة في منزلها، ويجلس معها ويتحدثان عن الحياة والروحانيات. كانت فاطمة تستمع إليه باهتمام، وتشعر براحة غريبة أيضًا عندما تتحدث معه. ، عندما علم أهل القرية بحبه لها رفضوه بشدة. قالوا عنه مجذوب ولا يصلح لأن يكون زوجًا . عاملوه بفظاظة، قالوا إنه لا يملك مستقبلًا ولا يمكنه أن يعتني بزوجه.
حزن عبدون كثيرًا بسبب رفض أهل القرية، لكنه لم يفقد الأمل. قرر أن يعبر عن مشاعره لفاطمة، على أمل أن تقبل حبه. جلس أمامها واعترف بحبه وتحدى الجميع.
( أحبك لأنك جميلة وطيبة، وأحبك لأنك تجعلينني أشعر بالراحة والسلام.") نظرت فاطمة إليه بابتسامة، وقالت له:
"أنا أحبك أيضًا، أحبك لأنك طيب وروحاني، وأحبك لأنك تجعلني أشعر بالسعادة والراحة." لكنها قالت له أيضًا إن أهلها لن يوافقوا على زواجهما بسهولة.
قرر عبدون وفاطمة أن يثبتا لأهل القرية أن حبهما حقيقي، ويمكنهما خلق حياة سعيدة معًا. عمل عبدون بجد، وحاول أن يثبت نفسه لأهل القرية.عمل فى اكثر من مهنة، ومع مرور الوقت، بدأ أهل القرية يرونه بنظرة مختلفة، وبدأوا يقبلون حبه لفاطمة.
عاد لأهلها مرة آخرى طالبا يدها،المنزل يخيم عليه حزن غريب ،كان يعلم ان والدها حبسها فى المنزل وعذبها كثيرا جراء أقاويل أهل القرية ،نظرات الناس تلسعه طول الطريق ،وكأن الخبر القادم لايقوى احد على ذكره، وكأن القدر اتخذ قراره مسبقاً،بان يعود عبدون من حيث أتى.