مساحة إعلانية
ترامب هذا الاسم الذي أصبح مرادفاً للسياسات المثيرة للجدل والطموحات غير المحدودة لا يتوقف عن مفاجأتنا بتصريحات ومواقف تضع العالم على حافة التوتر. الرجل الذي يراه البعض عبقرياً في استغلال الفرص ويراه الآخرون تاجراً جشعاً أثبت مجدداً أن سياساته ليست سوى انعكاس لفكر تجاري بحت.
تصريح ترامب برغبته في ضم كندا كولاية أمريكية جديدة أثار عاصفة من التساؤلات. هل الولايات المتحدة بحاجة إلى ضم دولة بحجم قارة؟ أم أن الموارد الطبيعية الهائلة التي تمتلكها كندا هي ما يغري ترامب؟ يبدو أن استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو كانت الفرصة التي رأى ترامب أنها مناسبة لصيد جديد فهو لا يترك فرصة تمر دون استغلالها لتحقيق مكاسب تصب في صالح الولايات المتحدة ولو على حساب استقلال وسيادة الآخرين.
عندما تتحول الهيمنة إلى سياسة البقاء فعلى مدار ١٠٠ عام كانت الولايات المتحدة القوة العظمى بلا منازع بفضل اقتصادها القوي ونفوذها السياسي. لكن اليوم مع صعود قوى جديدة مثل الصين والاتحاد الأوروبي ودول البريكس يبدو أن هذه الهيمنة بدأت تتآكل. ترامب يُدرك ذلك جيداً ولهذا السبب لجأ إلى سياسات صارمة من فرض الضرائب الباهظة على صادرات دول البريكس إلى محاولته إفشال أي مشروع قد ينافس الدولار كعملة عالمية.
ترامب قالها بصراحة: “لن أسمح لدول البريكس بإنشاء عملة تنافس الدولار. وإذا أرادوا أن أسامحهم عليهم أن يعتذروا ويتعهدوا بعدم القيام بذلك”. هذه الكلمات تعكس فكر ترامب الذي يعتمد على فرض النفوذ بالقوة والتهديد وليس عبر الحوار أو التفاهم.
على الجانب الآخر نجد روسيا تحت قيادة بوتين التي استطاعت الصمود أمام الضغوط الغربية بفضل اعتمادها على مواردها الطبيعية. الغاز والبترول والحبوب هذه العناصر جعلت روسيا قادرة على مواجهة التحديات بثبات. بوتين يدرك أن القوة الاقتصادية المستقلة هي الضمان الوحيد للبقاء على الساحة العالمية.
وسط هذه التحولات الدولية أين نحن كدول عربية؟ هل نكتفي بدور المشاهد في لعبة الكبار؟ أم نبدأ في استغلال مواردنا لبناء اقتصادات قوية؟ للأسف ما زلنا غارقين في خلافاتنا الداخلية بينما العالم يتغير من حولنا
ترامب يقدم لنا درساً حتى وإن كان مريراً بأن القوة الاقتصادية هي مفتاح السيطرة والبقاء. فهل نستيقظ من غفلتنا؟