مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

محمد دياب يكتب : ترامب‭ ‬يصطاد فى‭ ‬الماء‭ ‬العكر‭

2025-01-28 08:00:42 -  تحديث:  2025-01-28 08:00:27 - 
محمد دياب يكتب : ترامب‭ ‬يصطاد فى‭ ‬الماء‭ ‬العكر‭
محمد دياب

ترامب‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬مرادفاً‭ ‬للسياسات‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬والطموحات‭ ‬غير‭ ‬المحدودة‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬مفاجأتنا‭ ‬بتصريحات‭ ‬ومواقف‭ ‬تضع‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬التوتر‭. ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬عبقرياً‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الفرص‭ ‬ويراه‭ ‬الآخرون‭ ‬تاجراً‭ ‬جشعاً‭ ‬أثبت‭ ‬مجدداً‭ ‬أن‭ ‬سياساته‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬انعكاس‭ ‬لفكر‭ ‬تجاري‭ ‬بحت‭.‬
تصريح‭ ‬ترامب‭‭ ‬برغبته‭ ‬في‭ ‬ضم‭ ‬كندا‭ ‬كولاية‭ ‬أمريكية‭ ‬جديدة‭ ‬أثار‭ ‬عاصفة‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭. ‬هل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬دولة‭ ‬بحجم‭ ‬قارة؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬كندا‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يغري‭ ‬ترامب؟‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬استقالة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الكندي‭ ‬جاستن‭ ‬ترودو‭ ‬كانت‭ ‬الفرصة‭ ‬التي‭ ‬رأى‭ ‬ترامب‭ ‬أنها‭ ‬مناسبة‭ ‬لصيد‭ ‬جديد‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬فرصة‭ ‬تمر‭ ‬دون‭ ‬استغلالها‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬استقلال‭ ‬وسيادة‭ ‬الآخرين‭.‬
عندما‭ ‬تتحول‭ ‬الهيمنة‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬البقاء‭ ‬فعلى‭ ‬مدار‭ ‬‮١٠٠‬‭ ‬عام‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬بلا‭ ‬منازع‭ ‬بفضل‭ ‬اقتصادها‭ ‬القوي‭ ‬ونفوذها‭ ‬السياسي‭. ‬لكن‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬صعود‭ ‬قوى‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ودول‭ ‬البريكس‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الهيمنة‭ ‬بدأت‭ ‬تتآكل‭. ‬ترامب‭ ‬يُدرك‭ ‬ذلك‭ ‬جيداً‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬لجأ‭ ‬إلى‭ ‬سياسات‭ ‬صارمة‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬الضرائب‭ ‬الباهظة‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬دول‭ ‬البريكس‭ ‬إلى‭ ‬محاولته‭ ‬إفشال‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬قد‭ ‬ينافس‭ ‬الدولار‭ ‬كعملة‭ ‬عالمية‭.‬
ترامب‭ ‬قالها‭ ‬بصراحة‭: ‬“لن‭ ‬أسمح‭ ‬لدول‭ ‬البريكس‭ ‬بإنشاء‭ ‬عملة‭ ‬تنافس‭ ‬الدولار‭. ‬وإذا‭ ‬أرادوا‭ ‬أن‭ ‬أسامحهم‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يعتذروا‭ ‬ويتعهدوا‭ ‬بعدم‭ ‬القيام‭ ‬بذلك”‭. ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬تعكس‭ ‬فكر‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬النفوذ‭ ‬بالقوة‭ ‬والتهديد‭ ‬وليس‭ ‬عبر‭ ‬الحوار‭ ‬أو‭ ‬التفاهم‭.‬
على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬نجد‭ ‬روسيا‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬بوتين‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬الضغوط‭ ‬الغربية‭ ‬بفضل‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬مواردها‭ ‬الطبيعية‭. ‬الغاز‭ ‬والبترول‭ ‬والحبوب‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬جعلت‭ ‬روسيا‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬بثبات‭. ‬بوتين‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستقلة‭ ‬هي‭ ‬الضمان‭ ‬الوحيد‭ ‬للبقاء‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية‭.‬
وسط‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬الدولية‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬كدول‭ ‬عربية؟‭ ‬هل‭ ‬نكتفي‭ ‬بدور‭ ‬المشاهد‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬الكبار؟‭ ‬أم‭ ‬نبدأ‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬مواردنا‭ ‬لبناء‭ ‬اقتصادات‭ ‬قوية؟‭ ‬للأسف‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬غارقين‭ ‬في‭ ‬خلافاتنا‭ ‬الداخلية‭ ‬بينما‭ ‬العالم‭ ‬يتغير‭ ‬من‭ ‬حولنا
ترامب‭ ‬يقدم‭ ‬لنا‭ ‬درساً‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مريراً‭ ‬بأن‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬السيطرة‭ ‬والبقاء‭. ‬فهل‭ ‬نستيقظ‭ ‬من‭ ‬غفلتنا؟‭ ‬

مساحة إعلانية