مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

مسعد العقبي يكتب : حينَ يُصبح الخبز حلمًا والماء معركة

2025-07-21 16:51:30 -  تحديث:  2025-07-21 16:55:26 - 
مسعد العقبي يكتب : حينَ يُصبح الخبز حلمًا والماء معركة
مسعد العقبي
منبر

حينَ يُصبح الخبز حلمًا، والماء معركة بقلم: مسعد العقبى في غزة، لا يختلف الجوع عن الرصاص. كلاهما يفتك، كلاهما يترك الأجساد هزيلة والأرواح معلقة بين الحياة والموت. هناك، حيث الحصار سيف مسلط منذ سنوات، أصبح الحصول على لقمة خبز نضالًا يوميًا، والماء النظيف كنزًا نادرًا، والدواء دعاءً لا يُجاب.

في كل زاوية من شوارع غزة، تصرخ الأرصفة من أقدام أطفال حفاة، بطونهم خاوية وعيونهم ممتلئة بأسئلة لا إجابة لها. كيف يجوع الإنسان أمام العالم وهو يصرخ؟ كيف يختنق طفل برغيف ناقص دون أن تتحرك الإنسانية إلا في بيانات مكررة؟

البيوت في غزة لم تعد بيوتًا... بل أطلالًا تأوي أحياءً يذبلون كل يوم بصمت. الأمهات تقف في طوابير طويلة من أجل كيس دقيق، أو زجاجة زيت، أو علبة حليب إن وُجدت. وآباء كُثُر يشعرون بالعار لأنهم لا يملكون ما يسدون به جوع أطفالهم، لا لأنهم كسالى، بل لأن الاحتلال حاصرهم، والعالم خذلهم، والحرب أكلت ما تبقى من أبواب الأمل.

إن جوع غزة ليس مجرد نقص طعام، بل تجويع ممنهج، سياسة حرب باردة تسحق الكرامة قبل أن تسحق الجسد. فحين يُقطع الغذاء والدواء والكهرباء والماء عن أكثر من مليوني إنسان، فإن ذلك لا يُعد "ضغطًا سياسيًا" بل جريمة ضد الإنسانية.

ورغم كل ذلك، ما تزال غزة تقاوم. تقاوم بالجوع، بالصبر، بالكرامة، بالأمل. تنبت في قلب الخراب أملًا، وتغني تحت الأنقاض للوطن، وتصرّ على أن الحياة ممكنة، رغم أنف القتلة.

إن من يتجاهل جوع غزة، يتخلى عن ضميره. ومن يسكت عن ذلك، يشارك في الجريمة. وإن أول خطوات النصر تبدأ من الاعتراف بإنسانية هؤلاء الجائعين، لا باعتبارهم أرقامًا في نشرات الأخبار، بل كأمهات وآباء وأطفال، بشر لهم وجوه وأحلام وأسماء.

مساحة إعلانية