مساحة إعلانية
كتب- سيد طنطاوي
في مفاجأة غير سارة، وعنوانها عُقدة الخواجة، وقعت رابطة الأندية في خطأ جسيم بسماحها بكتابة أسماء أندية الدوري الممتاز باختصارات إنجليزية على شاشة قنوات أون سبورت الناقل الرسمي للدوري الممتاز لكرة القدم.
المفاجأة الكارثية كانت مع انطلاقة الدوري العام بمباراة طلائع الجيش والبنك الأهلي، ليفاجئ المشاهد بأن اسم نادي البنك الأهلي مكتوب كالتالي: NBE، وهي اختصار لكلمة National bank of Egypt واسم طلائع الجيش T.G وهي اختصار Talaea El Gish.
الأمر ذاته ينطبق على باقي الأندية باختصارات عجيبة.
البنك الأهلي المصري بذاته كمؤسسة مصرفية عريقة يفتخر باسمه باللغة العربية وهذا هو اسمه حتى في المخاطبات الرسمية، ومسئولوه بحكم الدراسة والخبرة متمكنون من اللغة الإنجليزية ولغات أخرى إلا أنهم حينما يتحدثون عن البنك الأهلي المصري يذكرونه باسمه عربيًا، لأنهم يُدركون أن هذا الاسم هو جزء من هوية البنك تاريخيًا.
رابطة الأندية أثبتت أنها بعيدة عن الواقع وتسع للتجديد حتى ولو كان هذا التجديد لا يصلح معنا وذلك لعدة أسباب.
أولًا أننا مجتمع يعاني من ارتفاع نسبة الأمية في اللغة الأم والأساسية لدولة لسانها عربي مبين، وحسب تصريح رسمي للدكتور محمد ناصف رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لتعليم الكبار جهود الهيئة العامة لتعليم الكبار، فإن الوضع الراهن للأمية في مصر في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر حتى 31 مارس 2023 وفقًا لمركز معلومات الهيئة العامة لتعليم الكبار، بلغت نسبة الأمية 19.2% للذكور و28% للإناث، بإجمالي 23.5%.
وهذه هي نسبة الأمية في اللغة العربية فما بالنا باللغة الإنجليزية.
الأمر الآخر الذي لا أحد يعرف كيف سقطت فيه رابطة الأندية أن الدوري الممتاز به 18 ناديًا هم: الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري وسموحة وبلدية المحلة وبيراميدز وزد والبنك الأهلي والجونة وطلائع الجيش والمقاولون العرب وفاركو وفيوتشر والداخلية وسيراميكا وانبي.
وباستثناء أندية الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري وبلدية المحلة أي 6 أندية فقط جماهيرية أي لها ظهير جماهيري سيعرف اسم ناديه من قميصه الذي يرتديه فلماذا التغريب على دوري هو في الأصل غريب باعتبار أن ثلثي أنديته هي أندية شركات في الأساس.
وإذا لم تكن جماهير الأندية الستة موجودة هل يمكن أن يهتم أحد من الأساس بمشاهدة دوري شركات؟
الجماهير تريد اسم ناديها باللغة العربية لتفتخر بوجوده وتلتقط معه الصور وتفرح بلاعبيها، لا أن ترى اختصارات إنجليزية لا تعرفها كما لو كانت طلاسم أو لوغاريتمات تحتاج إلى حلول من متخصصين.
رابطة الأندية برئاسة النائب أحمد دياب ونائبه عماد متعب نست أو ربما تناست أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة وهي جزء من هويتنا والمادة الثانية من الدستور نصها: الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
اللغة العربية هي لغتنا الرسمية دستوريًا، وهي لساننا وهويتنا فلماذا تريد رابطة الأندية تغريبنا عن لغتنا؟
تبرير رابطة الأندية لفعلتها جاء على طريقة عذر أقبح من ذنب، إذ قالت ما اسمت نفسها مصادر مسئولة أن سبب كتابة أسماء الأندية باللغة الإنجليزية أن هناك عروض لدى رابطة الأندية المحترفة لبيع حقوق بث بعض المباريات في الدوري أو الملخصات خلال الموسم الحالي، وأنها –أي الرابطة- اتفقت مع القناة الناقلة للدوري المحلي، على وضع أسماء الفرق باللغتين العربية والإنجليزية لهذا السبب".
وبررت الرابطة الاختصارات الغريبة لأسماء الأندية بأن قالت: الاختصارات حددتها الأندية، بعدما خاطبتهم الرابطة قبل بداية الموسم، لتطلب من كل فريق، إرسال الاختصار الخاص باسمه".
الغريب أن نفس رابطة الأندية هذه هي التي اختارت للدوري اسم دوري النيل إمعانًا في المصرية وإعلاء لهويتنا، فهل النيل جزء منا واللغة العربية لا نعرفها؟
ما فعلته رابطة الأندية توقعه حافظ إبراهيم شاعر النيل، وهناك فارق بين نيل حافظ ونيل رابطة الأندية، وتوقعه حافظ في قصيدته التي نعت فيها اللغة العربية حظها بين أهلها حينما قالت على لسان حافظ:
رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي
وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ
وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي