مساحة إعلانية
حتى قبل وقت قريب كان يُضرب المثل بمهنية الإعلام الغربي واستقلاليته، وحدثونا كثيرًا عن أنه المثل والقدوة لمن أراد إعلامًا حياديًا، بل كانت شهادات الدورات والورش الإعلامية من هذا الإعلام هي الأكثر مصداقية حتى سقط القناع.
في أحداث غزة، فشل الإعلام الأجنبي -الذي ظل لسنوات طويلة مضرب المثل في المهنية- في أن يتحرى أي قدر من المهنية، وكان سقوطه مدويًا، إذ أعلنها ببجاحة للعالم أجمع "أنا مع الاحتلال وإسرائيل" على حساب أي شيء.
لم يتورع أو يخجل أو حتى يراعي أي شيء، أعلن تأييده للقتل، وسفك الدماء، بل ووصل الفُجر إلى منع العاملين بهذه المؤسسات من التضامن مع الضحايا.
هذا الأمر يأخذنا إلى مرحلة جديدة وهي أن حرية الرأي على التذوق، إذا أعجبنا الضحية نتضامن معه، وإذا لم يعجبنا أو لم يكن معنا نشنق حتى جثته وهو ميت، لذلك أي حديث فيما بعد عن الحرية من هذه المؤسسات هو محض صخب إعلامي فقط.
الإعلام الغربي حاول انتزاع إدانات من الضحايا ليقول إنهم هم المجرمون بشهادتهم، ومنذ لك ما فعلته قناة سي إن إن، في حوارها مع حسام زملط، سفير فلسطين في بريطانيا، إذ حاولت المذيعة كريستين أمان بور إلقاء اللوم على الضحية بدلًا من الجلاد، وقالت متوجهة إلى سفير فلسطين في بريطانيا حسام زملط: "أولًا وقبل كل شيء هل تدين ما فعلته حماس داخل إسرائيل للمدنيين الإسرائيليين؟
"زملط" أكد أن "الهوس بإدانة الضحايا ولومهم وإدانة من هم تحت الاحتلال والاستعمار وإدانة المحاصرين طوال كل هذه السنين هو طرح بغيض أخلاقيًا"

والأمر نفسه تكرّر عبر قناة "بي بي سي" البريطانية، حيث فضح زملط مغالطات المذيع، حينما سأله: "هل تؤيد ما فعلته حماس صباح؟"، فرد زملط بأن "هذا ليس السؤال الأهم".
وقال زملط: "لا تساوي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تساوي بين الاحتلال والشعب الواقع تحت الاحتلال، هذا لا يخدم العدالة ولن يخدم جمهورك في فهم الصورة الحقيقية".
فيما فتحت هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) تحقيقًا مع الصحفيين والإعلاميين المنتسبين لها بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية ودفاعهم عن فصائل المقاومة.
وقالت الهيئة إنها تحقق بشكل عاجل فى مزاعم بأن العديد من مراسليها، أشادوا بهجمات حماس على إسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعى بعد أن قالت شخصيات متعددة تابعة لقناتها العربية أن الضحايا المدنيين (الإسرائيليين) لا ينبغى اعتبارهم مدنيين أبرياء.
وتأتى الإجراءات التى أقدمت عليها بى بى سى بحق صحفيها فى ظل سلسلة مفتوحة من الأكاذيب يسوقها الإعلام الغربى، فى محاولة لقلب الحقائق الجارية فى قطاع غزة والأراضى الفلسطينية المحتلة منذ بدء موجة التصعيد الأخيرة قبل أسبوع.
كما أوقفت بي بي سي ستة صحفيين عن العمل وفتحت تحقيقا داخليا، بعد أن دعموا حركة حماس على وسائل التواصل الاجتماعي.
فيما قررت صحيفة جارديان عدم تجديد العقد مع رسام الكاريكاتير ستيف بيل الذي تعاونت معه لمدة 40 عامًا، وجاء ذلك بعد أن اشتكى من قيام شبكة إكس بإزالة رسمه الكارتوني لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وصرح رسام الكاريكاتير، الذي عمل في الصحيفة لأربع عقود، أنها لم تعد مستعدة لنشر أعماله بعد أن رفع رسما لبنيامين نتنياهو.
ويظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بقفازات الملاكمة ويحمل مشرطا على بطنه محددا عليه خريطة لغزة مع تعليق: يا سكان غزة، اخرجوا الآن
ورفض بيل الاتهامات التي طالته بمعاداة السامية وذكر أن الكاريكاتير إشارة إلى رسم كاريكاتوري من الستينيات لديفيد ليفين، الذي رسم الرئيس الأمريكي ليندون جونسون مع ندبة على شكل فيتنام على جذعه أثناء الحرب الدائرة في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا.
الصحافة الإسرائيلية لم تكن بعيدة عن التدليس أيضًا، إذ أخذت صور الضحايا الفلسطينيين من الأطفال وقدمتهم للعالم على أنهم ضحاياها، وهذا ليس غريبًا على من قتل الملايين ولا يزال يعامله العالم كدولة.
الإعلام الغربي المنحاز لتل أبيب استقى مهنيته التي يدعيها من موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق فكلاهما أعور، فديان أعور فعلًا، وهم إعلام أعور لا يرى إلا مصالح تل أبيب وواشنطن والغرب.
وكانت نقابة الصحفيين المصرية، قد دشنت لجنة رصد وتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ووثقت الجرائم.

ومن الانتهاكات:
1- قتل الرضع
جاء في نص خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمام مائدة مستديرة مع قادة الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، زعم فيها اطلاعه على تقارير «تصيب بالغثيان»، حول رضّع جرى قتلهم، ونساء جرى اغتصابهنّ والاعتداء عليهنّ والاستعراض بهنّ كأنهنّ غنائم، وعائلات بأكملها جرى قتلها.
وكرر بايدن هذه المزاعم، في تصريحات له الأربعاء، قائلاً: «لم أكن أعتقد حقاً أنني سأرى هذا، فتأكدت من وجود صور لإرهابيين يقطعون رؤوس الأطفال».
لكن سرعان ما تراجع البيت الأبيض عن هذه التصريحات، مؤكداً أن الرئيس لم يطّلع على أي تقارير تؤكد وقوع تلك الجرائم الشنيعة بحق الأطفال. وفي رد على أسئلة صحيفة «واشنطن بوست»، قال متحدث باسم البيت الأبيض، إن تعليقات بايدن استندت إلى تقارير إخبارية وادعاءات من الحكومة الإسرائيلية، مضيفاً أن «المسؤولين الأمريكيين والرئيس لم يروا الصور أو يؤكدوا مثل هذه التقارير بشكل مستقل».
2- حالات اغتصاب
نقلت صحيفة «بي بي إس» الأمريكية ادعاءات تبين لاحقا أنها كاذبة، جرى ترويجها على لسان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، حول وقوع حالات اغتصاب وحرق في صفوف النساء اللاتي تم أسرهن. وتبين لاحقًا كذب هذه الرواية، وتراجع متحدث جيش الاحتلال عما ذكره رئيس وزرائه.
3- مقتل فنانة الوشم
زعمت صحيفة «ذا ميرور» البريطانية، مقتل فنانة الوشم «شاني لوك»، على يد «حماس» بعد أن اقتحم من وصفتهم بـ«الإرهابيين» مهرجانًا، قبل أن تعرض جثتها على شاحنة. رغم أن والدتها تحدثت لصحيفة «الإندبندنت» قائلة إن ابنتها على قيد الحياة في مستشفى بغزة.
4- إعدام مدنيين
زعم المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وجود عمليات إعدام مدنيين وقتل جماعي وسوء معاملة من المقاومة للأسرى، قبل أن يعرب عن استهجانه وصدمته البالغة حيال إجراءات مروعة في بعض الأحيان على يد عناصر الجماعات الفلسطينية المسلحة، ورغم كذب هذه الاتهامات، فإن المسؤول الأممي لم يتراجع عن موقفه.
5- ذبح 40 طفلا
انتشر خبر في الكثير من الصحف الغربية بذبح حركة «حماس» لأكثر من 40 طفلًا رضيعا، بعد تصريح زعيم المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية «ديفيد بن صهيون» بهذا على قناة «i24 News» العبرية، قبل أن ينتشر بشكل واسع في معظم الصحف، دون تحري الدقة فيه.
6- صورة طفل محروق
نشرت صفحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، صورًا ادعت أنها لجثة طفل محروق نتيجة هجوم للمقامة على مدنيين إسرائيليين، مشيرًا إلى أنه تم عرض هذه الصور على وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وهو ما نقلته وسائل إعلامية كثيرة. ولكن تمّ الكشف بعدها أن هذه الصور مزيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وأنَّها في الأصل صورة لكلب صغير، يتلقى العلاج، وتم تعديلها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
7- خوف مراسلة من هجمات حماس
نشرت شبكة «سي إن إن» الأمريكية، مقطعًا لمراسلتها، تظهر فيه مستلقية على الأرض بدعوى «خوفها من هجمات وتفجيرات حماس»، وتعتذر للمشاهدين عن وضع التصوير غير المعتاد هذا، ولكنهم مرغمين عليه للحفاظ على وضعية آمنة لهم.
وانتشر بعدها تسريب لما قبل تصوير هذا المقطع، حيث تظهر فيه المراسلة مع اثنين من المصورين يختارون فيها البقعة المناسبة لاتخاذ هذا الوضع، ويُسمع صوت (في الغالب قادم من إعداد البرنامج) يخبرها بأن تحاول أن تظهر خائفة في المقطع، وتلتقط أنفاسها من الركض والخوف، لأن هذا الإحساس ما يرغبوا في تصديره للمشاهدين.
8- قطع الرؤوس
زعمت تقارير إخبارية بثتها قناة «I24» العبرية، عبر مراسلتها نيكول زيديك، وجود عدد من الرضع الذين عثر عليهم مقطوعي الرأس في مستوطنة كفار عزا. إلا أنَّه لاحقًا، تراجعت المراسلة نفسها عن ادعاءاتها، مبررة بأن «أحد أفراد الجيش هو من طلب منها قول ذلك».
إنها مهنية موشي ديان الأعور