مساحة إعلانية
بدأتُ في كتابة مقالاتٍ تسبر أغوار الحضارة الإنسانية، فاستهللتها بالعصر الحجري، متتبعًا خيوط التطور حتي عصر العولمة الحديث. واليوم، أقف علي عتبة استشراف مستقبلٍ قد يعيدنا إلي ذلك العصر البدائي. إنّ هناك قوة واحدة قادرة علي طمس معالم حضارتنا المعاصرة، ألا وهي السلاح النووي، هذا الوحش الرابض في قلب تقدمنا التكنولوجي، والذي قد يكون سبب زوالنا وعودتنا للعصر الحجري مرة أخرى.
أن موضوع الحرب النووية القادمة دائما ما كان يثير قلق السياسيين والعلماء والخبراء العسكريين. المخاوف تدور حول احتمال استخدام الأسلحة النووية في نزاع مستقبلي، مما قد يؤدي إلي دمار هائل وخسائر بشرية كبيرة، فالأسلحة النووية تمتلك قدرة تدميرية هائلة يمكن أن تدمر مدنًا كاملة وتقتل الملايين في لحظات، وتسبب تلوثًا إشعاعيًا يستمر لعقود ويؤثر علي صحة الإنسان والبيئة. وما حدث في هيروشيما وناجازاكي ما يزال محفورا في ذاكرة البشرية. هناك اتفاقيات ومعاهدات دولية تهدف إلي الحد من انتشار الأسلحة النووية واستخدامها، مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، لمنع حدوث حرب نووية من خلال تعزيز التعاون الدولي والحد من الأسلحة.
كذلك لجأت الدول إلي ما يسمي بالتوازن النووي، المعروف أيضا بمصطلح “التدمير المتبادل”، يمنع الدول النووية من استخدام أسلحتها خوفًا من الرد النووي المدمر. إن التوترات بين الدول النووية مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين تزيد بالقطع من خطر النزاع النووي ودمار الحضارة البشرية علي الأرض، حيث يمكن للسياسات الخارجية العدائية وزيادة الإنفاق العسكري أن تؤدي إلي سباق تسلح نووي جديد. بالإضافة إلي ذلك، هناك مخاوف من وقوع حوادث نووية أو أن تقع الأسلحة النووية في أيدي جماعات إرهابية، مما قد يؤدي إلي كارثة لا يحمد عقباها.
أما في رأيي الخطر الحقيقي الذي قد يعيد البشرية إلي العصر الحجري هو وقوع الأسلحة النووية في يد الذكاء الاصطناعي، فالنظم المتحكمة في ذلك السلاح والقائمة علي الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون عرضة للأخطاء أو الهجمات الإلكترونية، مما يزيد من خطر إطلاق الأسلحة النووية بشكل غير مقصود أو نتيجة لمعلومات مضللة.
هل سوف تنخرط القوي النووية في حرب من هذا النوع، وتعود البشرية للحياة في الكهوف، وخاصة بعد ازدياد خطر الحرب بينها نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية. هذا ما سوف تجيب عنه السنوات القليلة القادمة من عمر البشرية.