مساحة إعلانية
إذا تم تقسيم الكذب و التدليس لكان لدولة الإحتلال الإسرائيلي وقادتها النصيب الأكبر منهم، فلا عهد يوفون و لا ميثاق يحترمون، دأبوا على مر التاريخ إتقان لعب دور الضحية ، وقلب الحقائق.
وضمن هذه السلسلة من التدليس المستمر، قررت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، إصدار تعليمات جديدة تنص على تحميل مصر المسئولية الكاملة عن اندلاع حرب أكتوبر 1973، متجاهلة دور الاحتلال الإسرائيلي لسيناء السبب الرئيسي للحرب.
ولا يجهل أحد لماذا حرب أكتوبر التي تسعى دولة الاحتلال لتشويهها، حيث أن حرب أكتوبر 73، هي الحرب التي كسرت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وحطمت الأكاذيب عن قوة الاحتلال الوهمية، و استردت الكرامة، و أكدت للعالم أجمع أن لمصر درع وسيف، يحفظون أمنها ويصونون مقدراتها.
وبحسب ما تم الإعلان عنه، فإن هذه التغييرات في المناهج الدراسية تأتي بتوجيهات من يوآف كيش، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذي يشغل أيضًا منصب وزير التعليم، وتأتي من لجنة تطوير مناهج التاريخ وتنص على أن طلاب المرحلة الثانوية لن يُسمح لهم بالإجابة بأن إسرائيل رفضت مبادرات السلام المصرية قبل الحرب، بدلاً من ذلك، سيتم تعليمهم أن الحرب اندلعت بسبب "إصرار مصر على انسحاب إسرائيل من سيناء"، وليس بسبب رفض إسرائيل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها
ويعد الهدف الرئيسي من هذه التغييرات هو تعزيز صورة إسرائيل كـ"ضحية دائمة"، وتجاهل أي تحليل نقدي لأسباب الحرب، و ذلك ضمن محاولات نتنياهو لتغيير الرواية التاريخية، ليس فقط لتشكيل المستقبل، بل أيضًا لإعادة كتابة الماضي.
ومن باب إظهار الحقائق وعدم السكوت على الكذب و التدليس، يتوجب علينا إلقاء الضوء على عدد من جرائم دولة الاحتلال الإسرائيلي،ودموية قادتها الذين قاموا بجرائم ضد الإنسانية وكل المواثيق والأعراف الدولية، فالتاريخ خير شاهد على أن هذه الدولة بنيت على المذابح و الدماء البريئة.
ففي التاسع من يونيو لعام 1967، استولت قوات الإحتلال على مدينة رأس سدر، من خلال فرقة من قوات المظلات، التي سرعان ما قامت بإغتيال أكثر من 50 من الجنود المصريين فى جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان، وذلك على عكس ما ادعت دولة الإحتلال بأنها سيطرت على المدينة بشكل سلمي بعدما انسحبت منها قوات الجيش المصري.
وذلك بالإضافة إلى عشرات الجنود المصريين الذين تم اكتشاف رفاتهم في مدينة الشيخ زويد، و هم من تم اغتيالهم على يد قوات الاحتلال إبان حرب 67، في وقعة أخرى تدلل على مدى خسة دولة الإحتلال.
كما تم اكتشاف مقابر لشهداء أيضاً من الجنود المصريين في العريش، حيث تم إغتيالهم بخسة أيضا من قبل قوات دولة الاحتلال خلال فترة حرب 67.
والكثير والكثير من جرائم دولة الاحتلال الإسرائيلي من عمليات وحشية و جرائم ضد الإنسانية، و ما يدلل على هذه الجرائم ، أنه في عام 1997 أذاعت "هيئة الإذاعة البريطانية" (BBC) مؤتمر صحافي عقدته منظمة حقوق الإنسان المصرية، حيث أعلن رئيسها آنذاك "محمد منيب" أن المنظمة لديها تقرير عن "شهادات موثَّقة من عدد من الجنود والضباط المصريين الذي شهدوا بأنفسهم قتل أسرى الحرب المصريين بواسطة قوات الإحتلال الإسرائيلية بين عامي 1956 و1967، وهذه الشهادات التي روت وقائع تتسم بالدموية و العنف المفرط.
وليس هناك دليل دامغ على دموية دولة الاحتلال ، أكثر من جريمة مذبحة بحر البقر، حين قامت دولة الإحتلال في 8 أبريل عام 1970، من خلال 5 طائرات إسرائيلية من طراز إف-4 فانتوم، تزن "1000 رطل" بقصف مدرسة بحر البقر في محافظة الشرقية وتدميرها على أجسام التلاميذ الصغار، و التي نتج عنها مقتل 30 طفلاً وإصابة 50 أخرين وتدمير مبنى المدرسة تماماً.
ولعل ذلك جزء بسيط من دموية و جرائم دولة الاحتلال، التي لن تمحى من التاريخ وسوف تظل وصمة عار تلاحق دولة الاحتلال، و نحن أمة لا تنسى ثأرها، وتنتقم له و لو بعد مائة عام.
ونعم هناك سلام بيننا وبين دولة الاحتلال ، لكن في عقيدتنا العسكرية، إسرائيل كيان محتل لأراض عربية ، وهو عدونا المستمر ، منذ أن دنس الأراضي المقدسة و إلى وعد الله بتحرير الأرض.
لذا، فمن الضروري، أن يتم دعم المناهج الدراسية في جميع المراحل التعليمية، بجرائم دولة الاحتلال منذ الوعد المزعوم بالحق في الأراضي المحتلة ، وحتى هذه اللحظة.
يجب أن تكون هذه العقيدة لدى كل أبناء الدول والشعوب العربية، ليس فقط الشعب المصري، بل شعوب الأمة العربية بالكامل، فـ إسرائيل دولة محتلة و مدلسة، دأبت على قلب الحقائق، و خرق كل المواثيق والأعراف الدولية ، وذلك بسبب الدعم والحماية والمساندة الأمريكية غير المحدودة لها، التي تعد دستوراً لكل حكام الولايات المتحدة الأمريكية، ويجب على الدول العربية أن تلقي الضوء على تلك الجرائم، وتسعى لإظهار و كشفها أمام العالم أجمع ، وأن تبقي نصب أعين الشعوب العربية ، و تتوارث جيلاً بعد جيل ،لتبقى نار الثأر في قلوب الشعوب العربية ضد الكيان المحتل.