مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

تمثال آمون الذهبي... الجنيه الذي باع التاريخ بقلم محمد فتحي السباعي

2025-11-09 05:28 PM - 
تمثال آمون الذهبي... الجنيه الذي باع التاريخ بقلم محمد فتحي السباعي
محمد فتحي السباعي
منبر

في قريةٍ صغيرةٍ على ضفاف النيل، كان الفلاح "عبد الموجود" يحفر أرضه، بحثًا عن بئر قديمة أو أثرٍ يروي حكاية الأجداد. لم يكن يدري أن تحت أقدامه ينام الإله آمون، الملك الذهبي الحامل لسيف العدل والهيبة، الذي كان يومًا رمزًا لجبروت طيبة وبهاء الملوك.

وبينما كانت الفأس تضرب الطين، انكشفت ذراعٌ ذهبية لتمثال صغير، يسطع نورها في عين الشمس كأنها تنادي الماضي ليعود.
التقطه الفلاح بدهشة، مسح عنه التراب، وقال في نفسه:

"يمكن ده بتاع زمان... هديه لوشّي الغلبان اللي بيحب الحاجات القديمة."

وفي لحظة غفلةٍ عن معنى ما بين يديه، باع الفلاح تمثال آمون الذهبي بجنيهٍ واحد فقط، لرجلٍ غريبٍ نزل القرية يسأل عن التحف واللقى. لم يكن يعلم أن الرجل ليس سوى وسيط، سيحمل هذا الإله الصغير إلى مصيرٍ أكبر من حدود القرية.

وبعد أشهر قليلة، ظهر التمثال ذاته في يد "كارتر"، الباحث الإنجليزي الذي طالما طارد كنوز الفراعنة بشغفٍ لا يعرف الشبع. لم يُعرف كيف وصل إليه، لكن العالم كله علم لاحقًا أن التمثال بيع في مزادٍ علني بلندن عام 2017 بمبلغ ثلاثةٍ وثمانين مليون جنيه إسترليني، تحت اسم:

"الملك آمون الحامل للسيف الذهبي."

صفعةٌ مدوية على وجه التاريخ، وعلى وجدان مصر، التي ما زالت تُفرّط في كنوزها بثمنٍ بخس، بينما يبيعها الآخرون بسعرٍ يليق بقداستها.

قال أحد المؤرخين يومها:

"لم يبع الفلاح تمثالًا ذهبيًا، بل باع صفحة من وجدان وطنه، بجنيهٍ واحد فقط، ليُعاد شراؤها بعد ذلك بثروةٍ من الذهب."

هكذا، ظل تمثال آمون الذهبي شاهدًا على جهلٍ يدفن الحضارة بيدها، وعلى يدٍ أجنبية تعرف كيف تحفر المجد في وجه العالم.

مساحة إعلانية