مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

دكتور يحيى هاشم يكتب : روشتة علاج للحد من ظاهرة العنف المجتمعي

2025-01-23 09:17 AM - 
دكتور يحيى هاشم يكتب :  روشتة علاج للحد من ظاهرة العنف المجتمعي
الدكتور يحيى هاشم
منبر

 لقد أصبحت ظاهرة العنف المجتمعي من أخطر الظواهر التي تهدد استقرار المجتمعات وأمنها فهي ليست مجرد سلوك فردي معزول بل هي مشكلة متجذرة تنعكس آثارها على كافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومع تزايد حوادث العنف في الشوارع و المؤسسات وحتى بين أفراد الأسرة الواحدة بات من الضروري وضع “روشتة علاج مجتمعية” تساهم في القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.

العنف المجتمعي يُعرَّف بأنه أي سلوك عدائي أو تهديدي يمارسه الأفراد أو الجماعات بغرض الإيذاء البدني أو النفسي أو الاجتماعي و تتنوع أشكال العنف بين العنف اللفظي و الجسدي و العنف الموجه ضد الممتلكات أو الأفراد فهذه الظاهرة لا تأتي من فراغ  فهي ناتجة عن تضافر مجموعة من الأسباب و العوامل مثل التفكك الأسري و الضغوط الاقتصادية و ضعف الوعي المجتمعي فضلاً عن تأثير الإعلام الذي قد يروّج للعنف أحياناً دون قصد.

فالأسباب ليست محصورة في جانب واحد بل هي نتاج لبيئة غير صحية تبدأ من الأسرة الى  المجتمع كما أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة مثل البطالة و الفقر تزيد من الإحباط و الغضب الذي قد يتحول إلى عنف أما الإعلام الذي يحمل رسالة مؤثرة في تشكيل الفكر العام فقد يلعب دوراً سلبياً عندما يعرض مشاهد عنف دون تقديم بدائل إيجابية.

إن التصدي لظاهرة العنف المجتمعي يتطلب رؤية شاملة تتكامل فيها الجهود الفردية والمؤسسية  مع تعزيز دور الأسرة كحاضنة للقيم الإيجابية لان الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء الإنسان و لذا يجب أن تركز الجهود على توعية الآباء والأمهات بأساليب التربية الإيجابية و تعليمهم كيفية حل النزاعات داخل الأسرة دون اللجوء إلى العنف  فعلى الأسر أن تعزز قيم الحوار والتفاهم بين أفرادها بحيث يشعر الجميع بالأمان والدعم العاطفي.

كما ان التعليم هو أحد أهم الأسلحة لمواجهة العنف و يجب إدراج قيم التسامح و التعايش و احترام الآخر ضمن المناهج الدراسية و كذلك  الأنشطة الثقافية و الرياضية في المدارس و الجامعات تُعد وسيلة فعّالة لبناء شخصيات متوازنة قادرة على التعامل مع الاختلافات بشكل سلمي.

و للإعلام دور مركزي في تشكيل الأفكار والمعتقدات و من هنا يجب أن تتبنى وسائل الإعلام نهجاً يسهم في نشر الوعي بخطورة العنف من خلال إنتاج برامج و محتويات تروج لقيم السلام و التسامح  و من الضروري أن تكون هناك رقابة أكثر صرامة على الأعمال الدرامية و الإعلانية التي تتضمن مشاهد عنف غير مبررة.

و ايضا المؤسسات الدينية لديها تأثير كبير على الجمهور مما يجعلها أداة فعالة لمكافحة العنف المجتمعي و يجب أن تتضافر جهود رجال الدين لنشر خطابات تدعو إلى المحبة و التسامح و توضح أن العنف لا يتوافق مع القيم الإنسانية و الدينية.

 ويجب علينا ان نعلم بأن المجتمع المدني له دور مهم في التوعية بخطورة العنف و أهمية التصدي له مع تنظيم حملات توعية تستهدف الشباب في المدارس و الجامعات  و تقديم الدعم النفسي و الاجتماعي للأشخاص الذين يعانون من آثار العنف كما يمكن إنشاء مراكز لحل النزاعات بين الأفراد و الجماعات بطريقة سلمية.

و ايضا القوانين الصارمة و المطبقة بعدالة هي أحد أهم وسائل ردع مرتكبي العنف فيجب أن تكون هناك آليات قانونية واضحة و سريعة لمعاقبة المتورطين في أعمال العنف مع ضمان حماية حقوق الضحايا كما يجب أن تُعزز ثقافة احترام القانون لدى جميع أفراد المجتمع.

ان العنف المجتمعي ليس قدراً محتوماً بل هو مشكلة يمكن حلها إذا تضافرت الجهود من كافة الأطراف الأسرة، التعليم، الإعلام، المؤسسات الدينية، والمجتمع المدني، فجميعها تمتلك أدوات قادرة على تحويل مجتمعنا إلى مجتمع ينبذ العنف و يعزز قيم التسامح و السلام 

إن الالتزام بروشتة العلاج المقترحة ليس خياراً بل هو ضرورة لضمان مستقبل أفضل لأبنائنا و لمجتمعنا ككل و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين .

مساحة إعلانية