مساحة إعلانية
حكايات بكر الخفية يكشف عنها الكاتب / أحمد فوزي حميده
أحزنني نبأ وفاة الملحن الكبير حلمي بكر وعدت الى تسجيل حوار أجريته معه في شقته بالزمالك عام 2011 حيث فتح قلبه وكشف عن جانبه الايماني وعلاقته بالله سبحانه وتعالى ومتى بدأ يواظب على أداء الصلاة وأداء فريضة الحج استمر الحوار لاكثر من ساعة كان حينها الملحن حلمي بكر مرتديا عباية المنزل وكان يعيش بمفرده حيث قام بنفسه بتقديم واجب الضيافة وتشعر حين يتحدث عن التحول الروحاني الذي حدث في حياته بمدى احترامه لعلاقة الخصوصية بينه وبين ربه سبحانه وتعالى مما جعله يرفض الافشاء عن أشعار وقصائد كتبها تعبيرا عن قوة هذه العلاقة .
يقول الملحن المصري حلمي بكر قمت بأداء مناسك العمرة وفريضة الحج منذ أكثر من ثلاثين عاما بدون ترتيب وكان لهما بالغ الأثر في مسار حياتي .
يحكي بكر قائلا : أنا كنت غير مواظب علي أداء الصلاة وعندما كان احد يسألني لماذا لا تصلي أقول له هذه علاقة بيني وبين الله ولا دخل لأحد فيها وهو تعالى وحده الذي يحاسبني وفي أوائل الثمانينيات من القرن الماضي كنت في رحلة للمملكة العربية السعودية في شهر رمضان بصحبة الأمير الراحل عبد المجيد بن عبد العزيز أمير مكة الذي توفي في شهر مايو عام 2007 وكان حينها أميرا لمنطقة تبوك ودون أن أعرف اصطحبني لزيارة الروضة الشريفة بالمدينة المنورة فدخلت المسجد النبوي وبمجرد أن دخلت المسجد انهمرت دموعي وتوضأت وصليت ما استطعت من الركعات ودخلت في حالة من الوجد الروحاني واستمرت معي هذه الحالة حتى بعد الخروج من المسجد بصحبة الأمير عبد المجيد الذي سألني عن هذه الحالة فقلت له أنها ندم علي تقصيري في الصلاة واعتكفت في البيت لقراءة القرآن ونويت ألا أترك الصلاة مطلقا ما حييت وفي اليوم التالي زارني الأمير عبد المجيد فوجدني منفطر من البكاء وسألني هل تنوي أداء مناسك العمرة فطلبت منه التفكير وفي صباح اليوم التالي وجدت نفسي دون تحضير أتوجه لمكة المكرمة لإتمام مناسك العمرة وكان الجو شديد الحرارة حيث كانت درجة الحرارة في الظل 45 درجة مئوية وكنا في العشر الأخير من شهر رمضان ومكنش لسه عملوا التكييف في أرضية مكة وكان جلد القدمين من شدة الحرارة يلتصق بالأرض واضطر خطيب الحرم المكي إلي التقصير في خطبة الجمعة تخفيفا علي الناس حيث أصيب عدد كبير منهم بالإجهاد والإعياء من شدة الحرارة والصيام وحينما أردت الذهاب للفندق للراحة طلبت من سائق السيارة أن يصطحب بعض الناس معنا لإنقاذهم من هذا الجو الحار فرفض لان السيارة لاتتحمل وخوفا أن تنقلب بنا فذهبت إلي الفندق وطلبت إيقاظي مع الإفطار حيث كنا في ليلة السابع والعشرين .
يضيف حلمي قائلا : ظلت معي هذه الحالة الوجدانية حتى بعد عودتي إلي مصر وواظبت علي الصلاة وقراءة القرآن حيث التزم كل يوم بقراءة جزء من القرآن قبل صلاة الفجر وفي العام التالي لهذه العمرة نويت أداء فريضة الحج من شدة اشتياقي للاماكن المقدسة وبالفعل شاء الله أن يتم نعمته علي بزيارة بيته الحرام وأداء الفريضة وهناك أصبت بضربة شمس وأنا علي جبل عرفات ووصلت درجة حرارتي فوق ال 40 درجة مئوية وأخذت فترة العلاج 22 يوم ولكن كنت اشعر بقمة إيمانية كبيرة خاصة وأنت تشعر أن ملائكة تتحرك بجوارك وليسوا بشرا.
يشير حلمي بكر إلي أن زيارة الأماكن المقدسة ألهمه بكتابة قصائد وأشعار عبر بها عما غمره من حالة وجدانية واعتبر بعضها سرا يرفض إفشائه لأنه كتبها في لحظات اتصال بينه وبين الله سبحانه وتعالى .
ويقول : بعد أداء فريضة الحج قمت بتلحين أغنية ( يا نبي الرحمة ) للمطرب الراحل محمد رشدي وأيضا لحنت أغنية للمطربة نادية مصطفى وبكينا جميعا في الاستديو وأثناء الحفل من شدة التأثر بالكلمات هذا بالإضافة إلي تلحين العديد من الأغاني الدينية التي وجدت صدى جماهيري كبير .
وقال بكر : في الحرم المكي رددت أدعية كثيرة أبرزها الدعاء بالستر وان يدخلني الجنة بلا حساب .
يتذكر الملحن حلمي بكر أهم ما صادفه من مواقف خلال رحلتي العمرة والحج قائلا : ابرز المواقف التي أتذكرها أثناء طواف الوداع في الحج وجدت نفسي وسط جموع غفيرة وبجوار أناس طوال جدا وضخام الجثة فوضعت يدي علي أكتافهم دون قصد فوجدت نفسي كأنني محمولا أو كأنني ماشي علي الهواء وقمت بالطواف علي هذه الهيئة دون تعب حيث كان عدد الحجيج كبيرا جدا .
أيضا لا أنسى دخولي للروضة الشريفة ومقام النبي ( ص) وصاحبيه ( رضي ) وهذا بطبيعة الحال غير ميسر للكثيرين حيث كنت بصحبة الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز وكانت هذه الزيارة سببا في تغير نظرتي للحياة ومواظبتي علي الصلاة وقراءة القرآن والالتزام التام مع الله سبحانه وتعالى .
ويقول : بعد ذلك نويت أكثر من مرة الحج أو العمرة لكن لأسباب ما يتم تأجيلها وأتمنى أن تتكرر زيارتي للاماكن المقدسة من جديد.
وعن شهر رمضان يقول بكر : احرص علي قضائه في منزلي لقراءة القرآن والتفرغ للعبادة تماما.