مساحة إعلانية
نحن نعيش اليوم في مرحلة فاصلة من التاريخ، حيث تتكالب التحديات، وتتقاطع المؤامرات على مختلف الأصعدة: السياسية، والاقتصادية، والأمنية، وحتى الثقافية. لم يعد الاتكال على الجهود الرسمية كافيًا، فقد بات من المحتم أن ينهض كل مواطن بدوره الحقيقي، لا كشخص عادي، بل كخط دفاع أول، وكجندي مجهول يحمل سلاح الوعي واليقظة والمسؤولية.
لم تعد المعارك تُخاض فقط بالجيوش والعتاد، بل انتقلت إلى ميادين جديدة أكثر خبثًا وخطورة؛ معارك تُدار بالكلمة المسمومة، بالصورة المفبركة، بالمعلومة المضلِّلة والتغريدة الموجَّهة. هذه حروب لا ترى فيها الدبابات، بل ترى فيها العقول تُغزَى، والإرادات تُكسَر، والثقة بالأوطان تُقوَّض. وفي مواجهة هذا، لا بد من وعي شعبي لا يخضع للإغواء، ولا ينجر خلف الضجيج، ولا يسلم عقله لمن يريد أن يحوّله إلى أداة في لعبة أكبر منه.
الوعي ليس رفاهية، بل ضرورة وجود. المواطن الواعي ليس متلقّيًا سلبيًا، بل مشارك فاعل، يُحلل، يُدقّق، يربط الأحداث، ويرى خلف السطور. أما الحذر، فهو الحصانة من التسرّع والانفعال، من الوقوع في فخاخ أعدّها من يتقنون فن استثمار الغضب والجهل.
لقد سقطت شعوب كثيرة تحت ركام الفوضى، لا لأن خصومها كانوا أقوى، بل لأن وعيها كان أضعف. انهارت دول حين غاب التمييز بين الحقيقة والباطل، وحين ضاعت البوصلة في زحام الشعارات والانفعالات. اليوم، الدفاع عن الوطن لا يُقاس فقط بعدد البنادق، بل بعمق الوعي، وبصفاء الفهم، وبقوة المعلومة الصحيحة التي لا تُشترى ولا تُزوَّر.
نحن بحاجة إلى نهضة فكرية تبدأ من البيت، من المدرسة، من الإعلام، من كل منبر يملك التأثير. نحتاج إلى إعلام وطني لا يلهث خلف الإثارة، بل يصنع الفهم، نحتاج إلى مثقفين وقادة رأي يُنيرون العقول لا يُشعلون الحرائق.
الرسالة إليك أيها المواطن واضحة: أنت لست خارج المعادلة، بل في قلبها. أنت المستهدف، وأنت المدافع، وأنت الحامي. كن يقظًا، كن فطنًا، كن مدركًا لحجم المعركة. لأن الوطن ليس مجرد أرض، بل أمانة، ومستقبل، وكرامة، وكلنا مسؤولون عن حمايته.
حفظ الله مصر، ووقاها شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.