مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

أحلام الموتي . . قصة قصيرة / أحمد راضي مقبول

2024-05-19 12:46 PM - 
أحلام الموتي . . قصة قصيرة  / أحمد راضي مقبول
أحمد راضي مقبول
منبر

استهلال لابد منه 
دائماً ‏تمنحنا زيارة المقابر جرعة من الأوكسجين و قدرة على مواصلة الصمود حينما تتوالى الأحداث سريعاً و نحاول جاهدين أن نُتابِع قبل أن نُتابَع
منذ السابع من اكتوبر الماضي و أنا أتابع كغيري ممن يحملون صفة الإنسان نتابع جميعاً ما يحدث في قطاع غزة،و هنا يقفز أول سؤال: كيف استطاع العدو أن يستدرجنا بطريقته الماكرة لنختزل القضية الفلسطينية في قطاع غزة فقط؟!!( و هذا ليس تقليل من شأن غزة أو إنكار لجرائم الكيان الصهيوني) و يلحق السؤال الثاني بالأول: لماذا غابت وسائل الاعلام عما يحدث في مدينة القدس و الضفة عامة و المسجد الأقصى خاصة؟! و يصطدم قلبي بثالث الأسئلة:  لماذا تصمت معظم الشعوب العربية و الاسلامية؟! في الوقت الذي تخرج فيه التظاهرات الداعمة لفلسطين و غزة في الدول المناصرة لدولة اسرائيل؟! و يتبع ثالث الأسئلة رابعها: لماذا تنصلت كل الحكومات العربية و المسلمة ؟!! و تركت مصر بجانب قلة من الدول في المواجهة ؟!
نص
تتزاحم الأسئلة و الأفكار كزحام الأحداث التراجيدية الدامية، حينها يتوقف العقل متظاهراً بالثبات دون وصوله لحقيقة ما يحدث في زمنٍ وأدت فيه الحقيقة و توارى الحق مع سبق الإضرار و التنصل و ترفض العيون الرؤية لهول ما تراه من جوع و  حطام و ركام و رائحة الموت، نعم إنه الموت!! هنا يقرر القلب زيارة الأموات عله يجد عندهم سبيلاً للوقوف على حقيقة ما يدور حولنا فأتوجه لزيارة المقابر  
مشهد الموتي ملفوفون في أكفانهم يصطفون في طابور يحدقون، يقفون في شموخ  في مشهدٍ يتطابق مع الأحياء الذين يصطفون في انتظار وزير الأموات ليهللوا و يصفقوا في انتظار قرار منه ربما يجعلهم على قيد الحياة !!
أسكتني هذا المشهد و أنساني أنني جئت إليهم رغبة في الوقوف على أسباب ما نحن فيه و يقطع الصمت اتجاههم نحوي و في صوت واحد يرددون: ”أنت من الأحياء الذين يعتقدون أننا متنا “!!  ويتابع أحدهم: نحن جوعى وليس أمامنا سواك!! ثم يردف آخر: أنت حبيس هذا السور الذي شيدتموه لحبسنا!!! 
تقهقرت خطوات واستدرت مسرعاً حتى اجتزت سور المقابر الشاهق الذي شيده الأحياء للأموات هرولت ناحية سيارتي فوجدتها قد تغير لونها للأحمر!!، أرقام لوحاتها كماهي!! وقفت بجانبها أتمتم متسائلاً في ذهول:  لماذا افتقد الموتى إنسانيتهم مثل الأحياء؟! أليسوا بين أيادي الله؟! ألا يخافون من عقابه؟! هل أصبح الموتى نازيون مثل بعض البشر؟! 
ولجت للسيارة و انطلقت بأقصى سرعة بينما يعلو صوت محرك السيارة  تتردد بصوتٍ أعلى  في أُذُنّي جملتهم ” الأحياء الذين يعتقدون أننا متنا“!!!! هل جئتُ أنا من عند الأحياء لأحياء!؟ 
أم أن الجميع موتى؟!  أم أنني الميت الوحيد بين هؤلاء و هؤلاء؟! 
ألتفت على يميني فينتابني الذهول و أنا أجد أحدهم يجلس ممشوقاً على الكرسي الأمامي بجواري ملفوف في كفن عمره مئات السنين و يطلب مني التوقف!!!! و قبل أن أفيق يأتيني صوت من الكنبة الخلفية يأمرني بالتوقف!!!  تسري القشعريرة في كل أرجاء جسدي،  ليس خوفاً هذه المرة!!!  لكن لأنني أعرف صاحب الصوت و أحبه!!!  أتوقف مطمئناً، ألتفت للخلف فأجد الرئيس الراحل السادات و بجواره الشهيد عمر المختار!!! يجلسان في شموخ ملفوفان في أكفان يبدو عمرها أقل بكثير من كفن الذي يجلس بجانبي!!!  و قبل أن أنطق ببنت شفة يتحدث السادات بصوته الأجش:” لا تقلق، إنه صلاح الدين الأيوبي الذي يجلس بجوارك يا إبني !!!

مساحة إعلانية