مساحة إعلانية
بداية هذا المقال لايعتمد علي أية احصائيات رسمية وكل الأرقام إن وجدت فهي من المعايشة نتيجة العمل في مهنة الصحافة 30 سنه ومعايشة للقراءة والكتاب والناس 45 سنه
منذ قرأت بوست المحامي محمد عبد العزيز الذي قام بشنق نفسه في الزقازيق بمحافظة الشرقية وأنا استرجع أشياء كثيرة رأيتها وعايشتها وجاءتني في بريدي .
المحامي قام بكتابة بوست يستحق التحليل من أساتذة الاجتماع فهو وصل لسن الـ 35 ووجد نفسه محلك سر رغم أن له أب وأم وأشقاء وشقيقة وأعمام وابناء عم واصدقاء بل وأحفاد يوصيهم خيرا بجدهم وجدتهم .. جميعهم تركوه حتي أصبح بلاقيمة كما ظهر من البوست فانتحر .
في المجمل ما كان يحياه محمد عبد العزيز يحياه مئات الآلاف من الشباب والشابات ولم يفكر أحد منهم في الانتحار فهل كان محمد حساسا " زيادة عن اللزوم" وشعر أنه عاله علي أسرته فاتخذ أجرأ قرار من الممكن أن يأخذه إنسان .. نعم هناك رأي يقول من يتخذ قرار الانتحار شخصا قويا جدا ورأي آخر يصفه بأنه شخص ضعيف جدا وهش .
هذه الواقعة جعلتني أتذكر النساء وهن يطالبن بالمساواه مع الرجال ومن واقع الحياه العملية أقول لكم المفروض الرجال هم من يطالبون بالمساواه مع النساء فعدد المنتحرين من الرجال يفوق أضعاف أضعاف عدد المنتحرين من النساء وهذا يعني إن النساء أقوي كثيرا من الرجال والرجال أكثرية في الانتحار
المرأة التي أقدرها وانحاز لها هي التي يتركها زوجها حامل في طفل وتفاجيء بأنها أقوي من مائة رجل وتعافر وتستطيع أن تخرج الطفل للمجتمع شابا يافعا أو شابة عروسة وغالبا الشهادة العلمية طب أو هندسة أو نظم ومعلومات او سياسة واقتصاد .. هذا الطفل الذي لم ير طيف والده قط
ملايين النساء تركهن أزواجهن وفي رقبتهن أطفال ومن هنا جاء مصطلح المرأة المعيلة وتجد المرأة تتحمل المسئولية وهناك ملايين النساء كن مثاليات في تربية ابنائهن ولو عكسنا الصورة وأصبح الابناء مع الرجل سنري العجب العجاب وسنري نفس هؤلاء الابناء يحيون متسولين أو بلطجية أو منحرفن ومنحرفات وبالطبع لا أعمم فلكل قاعدة شواذ
المرأة تصمد وتتحمل وبدون احصائيات الأغلب الأعم من النساء يرفضن الزواج مرة أخري سواء كن أرامل أو مطلقات لذا رمانة الميزان للمجتمع هي المرأة لذا لوفكرت المرأة في الانتحار ستجد القرار يتواري كلما نظرت لابنائها أما الرجل في المجتمع الذكوري فهو قاسي القلب لايفكر في مثل هذه الاشياء بل لو قلت له : فكر في بيتك وأولادك سيعظك -رغم أنه مقدم علي الانتحار- ويقول لك : اللي خلقهم مش حينساهم " ونعمة بالله"
عفوا لا اتحدث عن أي شيء يخص الدين .
نعم الرجل أضعف من المرأة كثيرا جدا والمنتحرين من الرجال أكثر كثيرا من النساء فمنهم من ينتحر بشكل مباشر أي يتخلص من حياته بطريقة أو باخري والموضة الآن كتابة بوست قبل الأنتحار وكأن هذا البوست رسالة لتبرئته أمام الناس فتجد من ينتحر لتعرضه لظلم وآخر ينتحر لأنه في نظر ابنائه وزوجته في البيت مثل الكرسي أو النيش ليس له قيمة
هناك انتحار غير مباشر وهو الموت الداخلي بينما هو حي يأكل ويشرب وينام ويستيقظ ولكن داخله ميت .
لن اتحدث عن عذابات تاريخية تعرض لها مشاهير ماتوا وهم أحياء ولكن اتحدث عن اشياء عايشتها .. أعرف اديبا ومثقفا مات نفسيا لأن زوجته عايرته إن اعماله الادبية لم تستطع توفير حياه رغده لهم وانهم يحيون في شقة أعطتها لهم ابنته التي تعمل في الخليج .. لم يتحمل المواجهة وكلها أسابيع وترك الدنيا وما فيها مكتئبا .. فهل اتخذ قرار الانتحار داخله فرفض الدنيا ولم يستطع المعايشة فرفضته الحياه واستجابت السماء.
اعرف شاعرا لم يستمر كثيرا في الحياه لأنه يعرف إن اصدقائه يعلمون أنه تحول علي يد زوجته الي مزجه هزلية لأن أموال النشر التي كانت تأتي من الخليج أنقطعت بشكل مفاجيء .. النقاشات انتهت بالسكر والضغط وانتهت برفض الحياه داخليا ليخرج السر الإلهي بعد الموقف بثلاثة أشهر
جاءتني مشكلة في بريدي مرة من رجل اختصارها أنه تزوج عن قصة حب وبعد سبع سنوات كان أب لولدين وبنت وكان هناك شخص ما صارح زوجته أنه لايحب أن يتعامل معه أو حتي يسمع اسمه ولكن بالصدفه وجد رسالة علي موبايلها تتحدث مع زوجة هذا الشخص وتوصيها أن تسلم عليه وبأسم دلع ... الزوج أصيب بالصدمة ولم يتحدث مع زوجته ولم يعاتبها ولكن شعر - علي حد تعبيره - أنه مات من داخله فهو كان يظن أنه وزوجته شخص واحد وقال لي جملة لن أنساها : العمارة التي وضعت فيها كل شيء في حياتي سقطت في لحظة وسقطت معها سنين حياتي.... طبعا الرسالة سبع صفحات وهذا الشخص غير المرغوب فيه وزوجته أخذ منهما ساعات وساعات من النقاش
بالطبع لم أعرف ماذا حدث له؟ ولكن أستطيع القول أنه مات من الداخل أما الموت الذي نعرفه اعتقد مسألة وقت بالنسبة له
هناك المنتحر من داخله مثل الشخص الذي ينظر في عين زوجته وأولاده ولايستطيع توفير ربع متطلباتهم وهناك الشخص الذي تقول له الزوجة "كفي بيتك الأول وبعد كده ابقي اصرف علي كيفك " وهناك من تهز صورة الأب في نظر ابنائها فهذه النوعية مكسورة داخليا ومهما قيل ستجده ميت من داخله .
الانتحار ليس شرطا أن يكون بحبل أو بحبة غله أو كميات من الأدوية أو القفز من البرج أو الوقوف أمام القطار فهناك آلاف انتحروا من داخلهم فأصبحوا لايحبون الحياه ولايشتهون شيئا .. ستجدهم احياء بقلب ميت يعدون الأيام والساعات حتي تنتهي حياتهم فهم لسبب أو لآخر لايريدون اتحاذ القرار من الممكن خوفا علي سمعة الابناء أو خوفا من الله أو خوفا من المجتمع
من هنا أقول ليت الرجال في قوة جلد النساء وصبرهن فما تتحمله المرأة يفوق أضعاف أضعاف ما يتحمله الرجل .
أرجو ألا يخرج من يقول لي الحمل علي الرجل أكثر من المرأة لأن عدد النساء المعيلات لأسرهن يفوق عشرات أضعاف الرجال لو تساوت الظروف
هناك رجل يقتل نفسه ويقتل من يحيا معهم بكلمة أو بموقف وهناك امرأة تميت زوجها أيضا بموقف أو بكلمة وإن كنت أقدر المرأة وصبرها وجلدها إلا أن هناك نساء يقمن بعمل الدبه التي قتلت صاحبها فهناك من تقول لزوجها "أنا متجوزة علشان أتستت مش اتبهدل " يجوز قصدها أن تحث زوجها علي العمل أو زيادة ساعات العمل أو غرس الطموح ولكن يجوز هو يأخذها علي محمل أنها تعايره أنه ليس رجلا .. وهناك من تري زوجها تافها مهما وصل من مناصب لذا لاتقدر تصرفاتها فهي تراه الرجل الذي يتحمل شخطها وصوتها العالي أو تأخذه علي كد عقله وتفعل ما تراه هي أنه صواب ولاتعود له في شيء وكم من نساء تحملن نزوات أزواجهن فيجعلها تعمل بينما هو عاطل بل وينصب عليها في إرثها وهناك من يحيا علي قفا النساء بل وهناك من يري ميزته أنه رجل وهي عليها ان تنفذ متطلباته فقط ... الفرق هنا أن من تتحمل زوجها لاتنتحر ولاتموت داخليا لأنها قوية بينما الرجل قد ينتحر وقد يموت داخليا .
لذا أقول أن عدد الرجال المنتحرين والميتين وهم أحياء يفوق كثيرا عدد النساء .. لذلك أطالب الرجال أن ينادون بمساواتهم بالنساء وليس العكس.
صورة بوست محمد عبد العزيز