مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

الشعر العربي العمودي على ميزان الذهب بقلم محمود النعيمي

2025-07-28 12:58:10 - 
الشعر العربي العمودي على ميزان الذهب بقلم محمود النعيمي
محمود النعيمي

اسمحوا لي أن ألفت انتباه حضراتكم إلى شئ ما في الشعر العربي العمودي على قدر معرفتي وملكتي المتواضعة جدا في الشرح وتبسيط المعنى ألا وهو ما يلي 
عندما تقرأ الشعر العمودي وهو الشعر الموزون والمقفى على نغمات أوزان تفعيلات بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي لا بد أن تقرأه بحذافيره من ناحية الإعراب ولا تسكن فيه إلا نادرا والتسكين إن أتى يكون في عجز ضرب البيت بخلاف بحر الرجز فمثلا بعض الأصدقاء سمعتهم يقرأون الأبيات التالية كالآتي من بحر الطويل إذ يقول سيدي الإمام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني شيخ الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذولية رضي الله تعالى عنه

طريقي في كل الطرائق مأمنٌ
وما عرفت ترهيبَ صيدٍ بصائِدِ

وجدتهم يقرأونها بتسكين ياء كلمة (طريقي) والأصح لكي تُضبَطَ عَروضياً أن تقرأها بفتح ياء طريقي فتكون هكذا
//°///°/°/°//°///°//°
( فعول مفاعيلن فعول مفاعلن ) بحذف ياء مفاعيلن الأخيرة واقرأها معي ليتضح لك اللحن الصحيح وستعرف الفارق

طريقيَ في كل الطرائق مأمنٌ
وما عرفت ترهيب صيد بصائِدِ

وإليك مثالاً آخرا يقول كذلك سيدي فخر الدين رضي الله تعالى عنه

فذاتي شمس لو تجلت لأحرقت
ولكن بفضل الله أضحت مضيئة

يقرأها صديقي بتسكين ياء ( فذاتي ) والأصح أن تُقرأ بفتح ياء فذاتي وفتح حرف الياء يُخطَفُ خطفاً ولا تشبعه بمد زائد ليصبح صحيح البيت هكذا
//°///°/°/°//°/°//°//°
( فعول مفاعيلن فعولن مفاعلن)
وهيا بنا لتقرأ معي نفس البيت ليتضِّحَ لك اللحن الصحيح وستعرف حينها الفارق بعد فتح ياء كلمة ( فذاتي )

فذاتيَ شمسٌ لو تجلت لأحرقت
ولكن بفضل الله أضحت مضيئةِ

حسنا ، انتبه لشئ ما هنا.. قلت لك وجب عليك أن تقرأ كلمتي ( فذاتي وطريقي ) بفتح الياء فإذا سألتني وقلت لي وما المُشكِلُ في تسكينهما أو فتحهما فبالتسكين والفتح أجد أن المعنى واضحاً وجلياً فلما التزمتَ الزائدَ في هذا ؟!
ردي الصائب وقتها هو أنني سأقول لك صادقاً أننا هنا نخضع لقوانين صارمة في الشعر العمودي لا شفاعة فيها لحرف زائد أو حركة نافلة وليس لي ولك فيها من ولي ولا حميم ولا شفيع يطاع والذي يجبرك على ذلك هو ضبط نغم البيت عروضياً فلكي يُضبَطُ البيت هنا على وزن (فعول مفاعيلن فعول مفاعلن) لا بد من فتح الياء ولك أن تعجب أن نفس اليائين في نفس الكلمتين تُجبَرُ قهراً على تسكينهما لو نقلتهما من هنا من بحر الطويل إلى بحر الهزج وإليك مثالهما فبالمثال يتضح الحال وها هو مثالهما فاقرأ معي

طريقيْ واضحّ دوماً
وذاتيْ تخجلُ الشمسا

أنظر جمعت لك الكلمتين هنا في بيت واحد من بحر ( الهزج) على وزن مفاعيلن مفاعيلن وتحتم علي قهراً وجبراً تسكين اليائين في الكلمتين لتصبح التفعيلات هكذا 
مفاعيلن مفاعيلن
مفاعيلن مفاعيلن
حسنا ، ماذا لو أنا فتحت هنا الياء في شطرتي بحر الهزج وأصبحا هكذا

طريقيَ واضِحٌ دوماً
وذاتيَ تُخجِلُ الشَّمسَا

بفتح اليائين هنا انتقل البيت كُلياً من بحر الهزج إلي بحر مجزوء الوافر على وزن ( مفاعلتن مفاعلتن ) وتغير اسم التفعيلة من مفاعيلن في شطرتي البيت  إلي إسمها الجديد مُفاعَلَتُن وهنا وجب علي أن أنوه إلى شيء خفي بين بحري الهزج ومجزوء الوافر حيث أن شطرتي البيت من بحر الهزج تصح على بحر مجزوء الوافر ولكن شطرتي البيت على بحر مجزوء الوافر لا تصح على نغمات تفعيلات بحر الهزج حيث أن مفاعلتن بعد تسكين لامها تصير نفس حركات وسكنات مفاعيلن فيا حبذا لو أن العروضيين علموا أن الشعر العمودي حساس جدا وعلى شعرة ويوزن بميزان الذهب وليس ذلك مدحاً في الشعر العمودي وهو الغني عن المدح والمديح ولكن حتى يعلم الأصدقاء أن تفعيلات بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي هي تفعيلات وهمية من اختراع مؤسس علم العروض والقافية ليسهل على الناظمين تعلم نظم القصيد على بحور الشعر العربي الأصيل والبراعة هنا هي أنك تأخذ اللا شيء من عالم الوهم فتجسده حياً على أرض الواقع

مساحة إعلانية