مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مصطفى معاذ -الواحات . الخارجة
مما يمتاز به شعب مصر قوة التحمل وصلابة العزم والمراس وشدة الحيوية . والكلام لعبدالرحمن الجبرتى وهو يمس العمق حقا فالواحات المصرية جمال مصرى خاص ومتميز بالدليل الجمالى الدامغ . انها الواحات البعيدة المصرية الجميلة التى لا يشقها نهر ولا يجرى فيها بحر فكانت أياد الاهالى البيضاء وقلوبهم الخضراء تحفر الابار والعيون فى سياق جماعى مفعم بالاحاسيس والمشاعر الفياضة حال حفر الاهالى البئر او العين وانتظارهم الطويل حتى تخرج المياة حرة نافرة صافية وجميلة ثم يبدا الاهالى فى الزراعة فكان النخيل الجميل لما له من قوة على احتمال العطش وكانت صلابة العزم والمراس هنا بفــــــــــــعل المقاومة الدائمة التى قام بها الانسان هناك فى اقصى اقاصيها حيث هجوم النهابة المتكرر على الواحة الجميلة ومهاجمة الاهالى وسرقة اسلابهم وخيراتهم ومواشيهم وربما فرض ضريبة على الاهالى من القادة الليبيين الذين فشلوا على مر العصور فى احتلال الواحات او حتى دخلوها اصلا هناك وعلى هذه الارض المصرية استدفأ الانسان باخيه الانسان وبنى الجميع بيوت متلاحمة متلاصقة حميمة وكانت الواحة جميعها مسقوفة وله سور كبير يحيطها من شجر السنط وبوابات اربع . تغلق على اهالى الواحة كل مساء مما حدا بهم ان يكونوا على قلب رجل واحد ومن هنا بدا العمار والخير يدب فى الواحات الطيبة الحبيبة
: انها الواحات روضة المحبين . رحلة الحياة وحلم الشاعر وامل الباحث بلاد لا يمكن وصفها بكلمات جميلة ذلك ان بلادنا البعيدة القريبة هذه هي الجمال ذاته وروعة الانسان اذ يشف وتصفوا روحه بتاثير مباشر وسريع مما يحيط به من بيئة جمالية فريدة وبكر .
انها الواحات المصرية اخر منطقة عاش فيها الانسان المصرى حارب اعدائها من الجنوب الغربى وحماها وعمرها ورعاها بل وبنى البوابات الشاهقة الملونة او المنحوتة المعمقة انها الواحات واحات الانسان الجميل الذى فطره الله بفطره الاحساس بالجمال ومحبته والانجذاب ليه والتحاور والتجاور فى ردهاته الفسيحة الرحبة .
: ان علاقه الماضى بالحاضر علاقة جد وثيقة بل وهامة جدا جدا
فان الانسان اقوى سلطان على الحياة وحكما لها كلما تمثل ماضيه ف شخصه
وكلما تمثلت الامة تراث ابائها واجدادها جميعا بالغا ما بعدوا فى غيب الماضى اى مبلغ فمن حق المصريين بل ومن الواجب عليهم ان يستثيروا دفائن اجدادهم جميعا وان يربطوا بين ماضيهم وحاضرهم ربطا ظاهرا لكل عين
وانهم اذن لا يضيفون الى قوتهم ولا يضاعفون مجدهم اضعافا ولا يزدادن لذلك بالحياة استمتاعا ولها ذوقا
( ثوره الأدب د : محمد حسين هيكل )
: ان فنون الواحات لهى فنون مصرية بالمقام الاول ذاب فيها كل آت اليها تاثر بها واثر فيها وان كلمة الفنون الواحاتية المصرية تتسع لتشمل كل جديد وجميل واصيل ومتفرد باختصار كل ما ابدعه العقل الجماعى المصرى فى هذه المنطقة من فنون قولية او فعلية ادائية بمعنى ادق تشكيل المواد وابتكار نماذج ابداعية شديدة الاصالة والمعاصره وفنون القول هنا وابداعاتها تاخذ من فن العربية الاول الشعر واثره المباشر على فن الحنين للحج كما تاخذ من فن النحت القديم الجميل واثره على ابتكار وابداع فنون جميلة وجديده مثل فن النحت على جذوع النخيل .
: اراد الله وارادة لله كلها خير ان يكون عنوان هذه الرؤى شديدة التواضع عن الفنون وعلاقتها بالابداع ف الواحات مما حدا بنا الى تتبع تاريخ الانسان الاول المصرى فى الواحات باعتبارها مكان الدراسة ومادتها حيث بدات الحياة فى الواحات منذ الانسان الاول دل على ذلك وجود ابداعات بدائية اولى فى الخارجة فى جبل الطير وفى الداخلة على هضبة الجلف الكبير وفى الفرافرة فى كهف القارة ثم اتى الفراعنة والبطالمة والبطالسة والرومان والقبط والمسلمين بفنونهم وابداعاتهم التى نعرضها مصورة فى محاولة متواضعة لاضاءة فنون وابداعات هذه المنطقة قديما وحديثا .
فنون الواحات الحديثة يعتبر فن النحت على جذوع النخيل من احدث الفنون الواحاتية التى ابتكرها الانسان المصرى فى الواحات وهنا وجب القول ان هذه البلاد تزخر بالمبدعين بما لديهم من روح طيبة جميلة تعشق التعاون والتعليم سيما ان لاحت فى الأفق موهبة بارزة ونحن هنا نعرض أدلتهم الجمالية وابداعاتهم الشعبية الرائعة تقديرا وتشجيعا وشكرا لما قامت به هذه الجماعات الابداعية الشعبية من تعليم لابناء الواحات فى الخارجة والداخلة حتى اصبح هناك فريق فى كل واحة يبدع هذا اللون من الوان الفن ويعلمه لغيره من ابناء الواحات .
} فن الحنين الى الحج {
إن المصريين الواحاتيين في حالتنا هذه يفرحون أكبر فرحة في حياتهم البسيطة إذ أن الفرحة ( فرحة الحج ) كما يقول الأهالي .
1- لمن نويت ياحاجج
هات أبيض وشيله
تحت حرم النبي
يا محلا غسيله
...........
لمن نويت ياحاجج
هات أبيض ولفه
تحت حرم النبي
يا محلاك ف لبسه
2- خدوني معاكم يارايحين
عند النبي خدوني معاكم
خدوني معاكم وأغسل ليكم
الهدوم واسوي غداكم
3- ماتحسبوش حجتي على كتر مالي
أنا حجتي المصطفى محمد ندالي
ماتحسبوش حجتي على كتر دهبي
أنا حجتي المصطفى محمد نده لي
4- وإيش رأيت ياحاجج
على باب محمد
ريت حلق فاطمه على الباب معلق
وإيش رأيت يا حاجج
على باب نبينا
ريت حلق فاطمه
على الباب زينا
5- في طريق النبي
لقينا الغريب
والغريب يقول
ياما الصبر طيب
في طريق النبي
لقينا حمامه
والحمامه تقول
يا رب السلامه
6- وزغرتت له القمحه
وهي في سبلها
قالت اعملوني كعكه
لمحمد طلبها
وزغرتت له القمحه
وهي ف الجروني
قالت اعملوني كعكه
لكحيل ألعيوني
7- بعيده بلفه يا طريق النبي
بعيده بلفه
بعيده بلفه وان أطاني ربي
لأجيلك بزفه
بعيده بعيده يا طريق النبي
بعيده بعيده
بعيده بعيده وان أطاني ربي
لأجيلك سعيده
ثم يشتعل الحنين إلى زيارة الكعبة المشرفة وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم . فقد كانت هذه الرحلة تستغرق شهورا على الجمال وفي هذه الأثناء تتراص النساء في ( بيت الحج ) إلى بعضهن البعض على حصير أصفر جميل يستخدمن ( الطيران ) جمع طار وهو الدف . وتبدأ المنشدة بقول الأبيات السالفة ويلاحظ تحقق البساطة والتكرار في كل جملة شعرية وعندما يلتحم الجميع ويدرن في فلك الفكرة التي سيطرت عليهن لحظة إبداع هذا الفن يتصاعد الإيقاع فتدخل قصائد أخرى هي عزف آخر على أوتار الروح لتحن إلى الحج .
وما نفتح الباب الله
بالصلا ع الزيين
أحمد محمد وله شامات
على الخدين
ويا بخت من راح وزارك
ياكحيل العين
يترد فرحان ولو كانت
حموله دين
وما نفتح الباب
بالصلا ع الزيين
وما نفتح الباب الله
بالصلا ع البدر
أحمد محمد وليه شامات
على دا الخد
ويا بخت من راح وزارك
يا مليح القد
يترد فرحان ولو كانت
حموله أهد
وما نفتح الباب بالصلا ع الزيين
...........
ومن النصوص أيضا نجد
ما يسمى بنديح النبي
نديح النبي حلو ولد لي
أحلى من الزبيب والتمر الجني
جاني في المنام خد قلبي وهام
لأبيع الخزام واسعى له وأجي
نديح النبي حلو ولد لي
.........
جاني ف السحور زاد عقلي سرور
لأبيع العجول واسعى له وأجي
...........
ومن النصوص في فن النديح أيضا
يا رسول الله ياخير البرية
ياسميح الوجه والطلعه البهيه
يا رسول الله يا خير البريه
ياما لك ملقه والملقه وسيعه
يدبحوا فيها خرفان الضحيه
ياما لك جامع قد أربع جوامع
تصلي فيه الأمه أجمعيه
يا رسول الله ياخير البريه
هذا وغني عن البيان إن ( يهتم المصريون عموما اهتماما كبيرا بالأعياد والاحتفالات الدينية وذلك لارتباطها بعقائدهم ودياناتهم . فالاحتفالات الدينية هي أكثر الاحتفالات التي تحظى باهتماماتهم وذلك عبر العصور التاريخية المتعاقبة . فقد توارثت مصر الاحتفالات الدينية من خلال مجموعة طقوس شعبية شديدة الخصوصية ) ((كما تذكر د أمل خليفة الطيب.. في أصول الغناء العربي . جامعة حلوان . القاهرة 2001ص 149)) (1)
وتتمثل الاحتفالات الدينية في الواحات التي هي موضوع دراستنا . في الاحتفال بأداء فريضة الحج . والختمة . والمولد . ففي الواحات يعتبر الاحتفال بسفر المسلمين لأداء فريضة الحج أكثر الاحتفالات اهتماما .. ففرحة الواحاتي بأدائه لتلك الفريضة تفوق فرحة أي مناسبة أخرى سواء زواج أو غيره فيقولون ( الفرحة فرحة الحج ) ((فلهذا جاءت حصيلة الإبداعات الغنائية الواحاتية الخاصة بتلك المناسبة ثرية ثراء لا مثيل له في مختلف غنائيات المناسبات الأخرى )) المرجع السابق لأمل الطيب
. ويعتبر الاحتفال بالحج في المجتمعات الإسلامية من الممارسات الشعبية الجماعية التي تتضمن مجالات الدراسة الفلكلورية حتى جاز أن يكون هناك ما يسمى ب ( فلكلور الحج ) (2) للدكتور / محمد رجب النجار ( الأغنية الشعبية نموذجا
والملفت للنظر أن أكثر أنواع شعر الغناء الشعبي الموروث مازال حيا وبقوة . هو ذلك المرتبط بالحنين للحج ومن الملاحظات الهامة أيضا أن واحة الخارجة وقراها بالتحديد هي الأكثر بين تلك الواحات تمتلك حصيلة هائلة من الغنائيات المرتبطة بتلك المناسبة . أما عن شكل الاحتفالات بمناسبة الحج بمنطقة البحث . فهناك جلسات غنائية نسائية تسبق سفر الحجاج .ففي منزل الشخص الذي سوف يؤدي الفريضة سواء كان رجل أو امرأة تجتمع السيدات ممن هن قريبات وجارات ومعارف ( الحاج أو الحاجة ) كل ليلة ولفترة تمتد من الأسابيع إلى الشهور ويجلسن على الأرض التي غطتها الحصير في باحة المنزل ويمسكن ( بالطيران ) الدفوف يقرعن عليها في توافق تام مصاحبات ذلك بالغناء الجميل الذي يتناول رحلة الحج بمراحلها فيشعل لهفة الحاضرات ويزكي شوقهن لزيارة بيت الله الحرام وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيزيد حماسهن ليخرجن هذه الفنون حتى أوقات متأخرة من الليل .
وأخيرا : فإن الحنين إلى الحج هو نوع من أنواع شعر الغناء الشعبي الذي يميز أهالي واحات مصر في الوادي الجديد تحديدا . وواحة الخارجة منطقة البحث ُم هو شكل من أشكال الغناء الشعبي المصري له إبداعيات أدائه التي تناسب فرحة المناسبة ويتميز بأنه يؤدى بصوت حزين ونغمات ممدودة تشبه الآهات التي توحي بالحزن لفراق الأحباب – بالإضافة للحنين . الأحباب الذين ستطول رحلتهم إلى الأراضي الحجازية وهذا الغناء يأخذ في معظمه طابع حداء الإبل في الصحراء (3) يسريه مصطفى أحمد ( أغاني الحج وعاداته وتقاليده ) وهو غناء موقع موزون يؤدى بمصاحبة آلية تقتصر على آلات إيقاعية متمثلة في الطار عند النساء والطبل البلدي عند الرجال وفي بداية الغناء تؤدى هذه القصائد الشعبية بدون أي آلات وإنما الروح التي كانت تحس بكل حرف لا بكل كلمة من كلمات الأغنية في دفعها ذلك للمشاركة بهذه الروعة
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
