مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

المساءات الشاردة...بقلم هدى حجاجي

2025-09-29 01:19:50 - 
المساءات الشاردة...بقلم  هدى حجاجي
المبدعة هدى حجاجى
منبر

تسكنها ملامح التعب، لا كزائرٍ خفيف، بل كمالكٍ قديم أقام في ملامحها واستوطن تفاصيل يومها.
كل صباح، تفتح عينيها وكأنها تخرج من حلمٍ ثقيل، لا تذكره تمامًا، لكنها تحتفظ بإرهاقه.

لا تهدأ.
إلا حين تكتب.
وحين تكتب، لا تكتب لتُبدع، بل لتُفرغ… لتقول — ولو لنفسها فقط —: "أنا متعبة."

متعبة من مشوارٍ لم تخطُ فيه خطوة،
من علاقةٍ باردةٍ كأرضٍ لم تعرف دفء القدمين،
من ذكرياتٍ تتعفّن في زوايا عقلها،
من غدٍ يُراوغها كل يوم، ويدور، ثم لا يأتي.

تجلس على طرف سريرها كل مساء، تمسك دفترها.
تكتب كثيرًا… تمزّق أكثر.
كأن الكتابة شبكة نجاة، لكنها مخرّقة.

تنظر إلى وجهها في المرآة، فترى امرأة لا تعرفها تمامًا.
نصفها واقعيّ يضع القهوة على النار،
ونصفها الآخر معلّق في سؤالٍ لا إجابة له:
"لماذا لا يرحلون؟"

أولئك الذين سكنوا قلبها ثم ناموا فيه،
الذين لا يقولون وداعًا، ولا يبقون أيضًا.
يمرّون في ذاكرتها مثل ضجيج خافت… لا يُسمع، لكنه يُوجع.

كل مساء، يشبه الذي قبله.
لكن شيئًا في هذه الليلة مختلف.
ربما الصمت أثقل، أو ربما الكتابة لم تخفّف شيئًا، أو ربما… فقط، لا تريد أن تستمر.

في الظل، كانت تحدّق في الحائط، كما لو أنها تنتظر أن ينهار عليها.
لكن الحائط ظلّ ثابتًا…
مثلها تمامًا.

مساحة إعلانية