مساحة إعلانية
وسط الحطام تنبت الأزهــار، وفى آخــر النفق يشع خيط ضوء ليكون بمثابة دليل وهدايــــة وأمل، فليس كل حطام بخـــراب وليس كل نفق بظلام، والشعر الذى زهدنـاه منذ اندلاع طوفـان الأقصى فى 7 أكتوبــر 2023 واتجهنا لمتابعة كيف أن الحجر بألف قصيـدة، وأن صـورة الطفل الأعــزل، الذى يواجه المحتل بحقيبة كتبه بألف لوحـة. وسط كل هــذا الوجع والألم الذى يحدث فى فلسطين، فى ظــل صمت المجتمع الدولي، خرج علينا الشاعران عادل صابر و أبوزيد بيومي بقصيدتين أشبه بوردتين نبتتا بين الحطام، فأعادانا إلى الشعر وجماله وأرغمانا على سماع صوت الشعر، الذى دائما ما يكون له السبق فى أن يصدح فى المواقف والقضايا، ويسبق الساسة والحكام فى وضع بصمته . وهــذا الجمــال لـم يأت من فــراغ ، فالجمال مبعثــه الإحساس الصــادق ، فقد نشـر الشــاعر عادل صابر على صفحتــه بالفيس بوك ، بتاريخ 8 أكتوبر أغنية لفلسطين ، تستشعر فيها طعم البهجة والسرور ، فليس شرطا أن يكون الحزن كله بكاء ، فقليل من البهجة تشفى الصدور . وقبلها بيـــوم ( 7 أكتوبــر ) كان الشــاعر أبوزيد بيومي نشــر ـ أيضــا ـ قصيــدة على صفحتــه بالفيس بـوك جاءت عكس قصيدة الشاعر عادل صابر الغنائية ، فقصيـدة أبوزيد بيومي تستشعر فيها طعم الحماس والروح القتاليــة ، وربمــا ترجع هـذه الروح إلى الدم الجنوبي الفائر ، الذى يتدفق فى عروق أبناء الجنـوب ، فكلاهما ( صابر وبيومي ) من " مصارين الصعيد " ، على حــد وصف الشـاعر الدكتور مصطفى رجب للصعيــدي فى قصيدته الحلمنتيشية الشهيرة " عوافِ "، فالشاعر عادل صابر من قنا، والشاعر أبوزيد بيومي من سوهاج .

يقول الشاعر عادل صابر فى أغنية " اتبسِّمى " التى يهديها الى غزة
" اتبسِّمى .....اتبسِّمى
مدِّى الخطاوى وارسمى
فوق الجبين حلم البلد
هو داويا وبلــسمى
اتبسّمى .....اتبسّمى
***
اتبسمى رغــم الــــدموع
وريـــاح بتتحدى القلــــوع
دا مفيش بعاد من غير رجوع
لــــمِّى ولادك واحــــلمى
اتبسِّمى ......... اتبسِّمى
***
اتبسمى وسْط السكوت
وارمى ابتسامتك ع البيوت
تطرح يمامـة وناى وقوت
يا ام العيـــون المـريمى
اتبسمى ........اتبسمى
***
الليل بيزحف ع الديـار
والعتمة دايسة على الخَضار
اتبسمى يطلـع نهــار
نسلم يا سـمرة وتسلمى
اتبسمى... ....اتبسمى
***
طَل القمر رغم السحاب
والورد بان رغم الضباب
غنَّى الحمام رغم الغراب
عَلَّي الغنـاوى وقسِّمى
اتبسمى ........اتبسمى
***
يا ام الخــدود ملبن وتين
مش عايز اشوف قلبك حزين
انسى معاى تعب السنين
وارمى الهموم واتبسِّمى
اتبسّمى... .....اتبسّمى " .
وعلى عكس ما جــاء من بهجـة فى قصيدة الشاعر عادل صابر ، المفعمة بمفردات تناسب لون الأغنية ( كما ذكرنا من قبل ) نسمع فى قصيدة " جند الله " للشاعر أبوزيد بيومي ، صليل السيوف وصـوت العزة والكرامة وصرخة فارس عربي من فوق حصانه الأصيل " فلا تَهـِـنُوا لأبـواقٍ تُنـادي ، أرادتْ عَـزْمَكم عَزْمَـاً كَليلا " . فالقصيدة تعـد واحــدة من القصائد التى تضـاف إلى ديــوان الحماسة ، وجــاء اختيــار أبوزيد بيومي للطريقة الخليلية فى كتابة قصيدته ، ليزيد من عراقتها وقدسيتها ، التى تمنحها صفة الأصالة .

يقول الشاعر أبوزيد بيومي في قصيدته " جُــــــنْدُ الله "
" أعِـــدُّوا إن أردتُـــم قـهرَ ظُـــلمٍ وصُبُّوا نارَكُــم حــتَّى يزولا
أعِدُّوا ما اسْتطعتُم للأعــــادي أحِيلُوا يومَهــم ليلاً طَـــويــــــلا
ففي لَمْعِ السُّيوفِ بريــقُ صُبْحٍ يُضيءُ طريقَ مَـنْ طلبَ الدَّليلا
وما تلك السـُّـــيوفُ بماضياتٍ إذا لم تُجْرِ من دمِهِــم سُـــــــيُولا
وما لاحَــــتْ لقــوم شمسُ عِزٍّ إذا بَدَت المَشـــارقُ مُستــــحيلا
يقولُ المُرجِفُون إذا انْطَلَــقـتُم نخـــافُ عليكُـمُو يومـــــاً ثَقــيلا
هُمُو الشيطانُ لو جاءوا إليكم لَزَادوكُـــــم خَـــبالا أو ذُبُــــــولا
فَلَـو أنّ العـــدوَّ لـــــــه بعــيرٌ وجَـــدتَ المرجفــين لــه ذُيـولا
وإن سَلَك العَــدُوُّ طـريقَ بَغْيٍ لدَقُّـــــوا في مَســـيرتِه الطُّبــولا
فـلا تَهـِـــنُوا لأبــــواقٍ تُنــادي أرادتْ عَـــزْمَكم عَزْمَـاً كَليـــلا
فكَم في الحَقِّ من فئــةٍ وفازت وقد تبدو عَلى عَـــــــدَد قلــيــلا
فبالإيمان يعـــــلُو شـــأنُ قـومٍ تَحَلَّوا في الوَغَى صَبرا جَميــلا
ومَا لانتْ عَــــزيمتُهم وكانت سبـــــيلُ جِــــهادِهم دوماً سَبيلا
رأَوا في القُدسِ غَايتَهم فقاموا لنُصرةِ بَيــتِهم جَمـــــعا مَهــولا
فَذاك عَـــدوُّهم في ثوب خَوفٍ تهاوى بعــــد عِـــــزَّتِه ذَلــيلا
وتحســـــبُهم جَميعا فِي دُروعٍ فصار الجَــمعِ في دِرعٍ قَــــتيلا
تَشتَّتَ جمعُهم في كـلِّ صَوبٍ وصخـرةُ قلبِهم صـارتْ مَهـيلا
وجُـــند الله دومـــاً في ثبــاتٍ ونصـــرُ الله آتيهــــم جَـلِيـــــلا
فجاء الفـــوزُ مِن بَعدِ امتحـانٍ وذَاقـوا النَّصرُ صَـفْوَاً سَلْسَبيلا " .
هذان النموذجـان الشعريان من بين نماذج عديدة ولدت مع طوفان الأقصى ، يؤكدان أن الشعر سيبقى ديوان العرب والصـوت الحاضر والداعم لقضايا الأمــة ، الناطق بلسـان عربي يخاطب القاصى والداني ، وهـــو الأكثر تفاعــلا وحضورا ، ذلك هو صوت الشعر .