مساحة إعلانية
في مجرى نهر النيل – شريان الحياة النابض للمصريين منذ فجر التاريخ – تتجلى معركة الصبر والحكمة، حيث تقف مصر شامخة في وجه العناد الإثيوبي، دفاعًا عن حق أصيل لا يصدأ بتعاقب الأزمنة. تتوالى التصريحات الدولية وتستقبل القاهرة رسالة الرئيس الأمريكي الأخيرة بشأن أزمة سد النهضة، فتؤكد الحكومة المصرية مجددًا موقفها الثابت: الأمن المائي قضية وجودية، لا تقبل العبث أو التفاوض على الحد الأدنى من الحياة.
على طاولة المباحثات، ظلت مصر تطرق أبواب الحل السلمي لما يزيد على عقد من الزمان، مدعومة بالقانون الدولي وروح الشراكة بين دول الحوض. لكن نهج أديس أبابا في فرض الأمر الواقع واتخاذ قرارات أحادية بشأن ملء وتشغيل السد، منح الأزمة بُعدًا آخر من المخاطرة، كما حذرت القاهرة والخرطوم معًا من مخاطر تهدد سلامة السد وأمان الشعبين. جاء البيان الرسمي مؤكدًا على ضرورة الامتناع عن أي إجراءات انفرادية قد تضر بحقوق مصر والسودان المائية، مشددًا على أهمية اتفاق ملزم وعادل، بينما لا تزال الدولة المصرية ترفع صوتها في المسارات الأممية والدبلوماسية، مدافعة عن حقها في مياه النهر الذي به قوام الحياة.
وحين بادرت مصر بمخاطبة مجلس الأمن لتنوير المجتمع الدولي بحقيقة الموقف، أوضح وزير الخارجية أن السياسات الإثيوبية الأحادية تُخل باتفاق المبادئ وتهدد استقرار المنطقة. ورغم موجات التعنت والجفاء، تصر مصر على التمسك بالحوار، لكنها تحتفظ بحقها المشروع في حماية مصالحها بكل الأدوات المتاحة، يدًا تمتد بالسلام وأخرى تملك الحسم إن لزم الأمر.
وسط هذا المشهد، تتردد كلمات مصر للعالم: النيل قدرنا المشترك، فلا مجال لهيمنة أو تلاعب بحق الحياة، وستبقى مصر حارسة لضفافه، لا تساوم على بقائها، مهما تبدلت مياه السياسة أو تغيرت وجوه الحوارات.