مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

قضايانا

حيتان‭ ‬السجائر‭ ‬ينهبون‭ ‬اقتصاد‭ ‬مصر

2023-06-13 03:44 PM - 
حيتان‭ ‬السجائر‭ ‬ينهبون‭ ‬اقتصاد‭ ‬مصر
منبر

 

 بقلم اسحاق روحي 

●● منذ شهر تقريباً خرج علينا رئيس شعبة الدخان باتحاد الصناعات إبراهيم إمبابي مع الإعلامي عمرو أديب في السابع أو الثامن من مايو الماضي ليؤكد أن موردي المواد الخام للتبغ لا يقومون بالتوريد وأن استيراد المواد الخام يتطلب شراء الدولار بـ ٣٩ جنيه من السوق الموازية.

‏●● بعدها مباشرة تم ترديد شائعات علي مواقع التواصل الاجتماعي تقول إن مخزون السجائر المحلية وتحديداً «كليوباترا بوكس» لا يكفي سوي شهرين وأن هناك نقص شديد في المعروض.

‏●● في ذات الأسبوع صرح هاني أمان الرئيس التنفيذي للشركة الشرقية للدخان والعضو المنتدب أنه لا يوجد نقص في الانتاج ويتم توريد الكميات المتعاقد عليها كاملة مع الموزعين بشكل يومي وأن جميع انواع السجائر متوافرة بكميات كبيرة.

‏●● ما بين التصريحات الرسمية لمسئولي الشركة الشرقية للدخان وشعبة الدخان باتحاد الصناعات وبين الواقع في الشارع المصري مسافة شاسعة نستطيع تشبيهها بالشرق والغرب فالشركة في وادٍ والشارع في وادٍ آخر.

‏●● في عام ٢٠٢٠ تم زيادة سعر السجائر المحلية «البوكس» وتم كتابة السعر علي علبة السجائر ليصبح السعر اثنين وعشرين جنيه وبعدها بعامين فقط تم حذف سعر البيع وتم وضع جملة «لمعرفة سعر المستهلك أمسح «QR» وبالطبع لا يعرف أحد لصالح من تم حذف سعر البيع للمستهلك ووضع جملة أمسح «QR» وكأن الشركة أو صاحب القرار تأكد أن كل من يقوم بالتدخين لديه موبايل حديث عليه «QR» كي يعرف السعر وكأن صاحب القرار وجد ضرراً في كتابة التسعيرة علي علبة السجائر مما جعل المواطن يسلم بأي سعر يطالب به التاجر.

‏●● المقدمة والمعلومات السابقة كان لابد من كتابتها لأنها علي لسان مسئولين في اتحاد الصناعات والشركة الشرقية للدخان والسؤال الذي سيسأله غير المدخن وهل السجائر هامة لهذه الدرجة حتي يتم التحدث عنها وكأنها من السلع الأساسية؟ والإجابة نعم ثم نعم ولكن رغم ذلك نقول إن التدخين ضار جداً بالصحة ونطالب كل مدخن بالإقلاع عن التدخين ونتمني أن نستيقظ في يوم ونجد مصر خالية من التدخين.

ولكن لنتحدث في الواقع.. الواقع يقول إن شركات السجائر تقوم بدفع ما يربو علي الخمسة وثمانين مليار جنيه لخزينة الدولة كحصيلة مباشرة وضرائب أما الحصيلة غير المباشرة فهي الضرائب التي يتم تحصيلها من كل الذين يتاجرون في السجائر وبالتالي يدفعون الضرائب العامة التي يتم تقديرها عليهم.. الواقع يقول إن هناك مبلغ مقطوع يتم تحصيله لصالح قطاع الصحة في مصر وهذا المبلغ يغطي جزء من قطاع الصحة.

‏●● في عام ٢٠١٩-٢٠٢٠ تم استهلاك ١٠ مليار سيجارة في الربع الاول من العام بواقع ٢٠٠ مليون سيجارة يومياً أي بلغة الارقام الاستهلاك وصل إلي ٤٠ مليار سيجارة سنوياً وفي ذات العام دخل إلي خزينة الدولة كضرائب علي السجائر ٧٥ مليار جنيه.

الأرقام تقول أيضاً إن مصر السابعة عالمياً في التدخين فهناك حوالي ١٨ مليون مدخن «إحصاء ٢٠٢٠».

‏●● كل ما سبق ماذا يعني؟ يعني أننا أمام صناعة استراتيجية تعد أمن قومي لأن زبائنها يمثلون خمس سكان الدولة تقريباً وأي تلاعب في هذه الصناعة هو تلاعب في اقتصاد الدولة بشكل مباشر.

‏●● ومنذ مايو الماضي وحتي كتابة هذه السطور هناك أباطرة في السوق أضاعوا علي الدولة المليارات وتحول هؤلاء إلي مليارديرات في أقل من شهرين وتعالوا نحسبها بلغة الأرقام فلو افترضنا أن مصر تستهلك مائتي مليون سيجارة يومياً أي عشرة ملايين علبة يومياً والعلبة الواحدة تباع في السوق السوداء أو الموازية بزيادة ما بين ١٤-١٥ جنيه إذن ما يتحصل عليه التجار الكبار حوالي ١٤٠ مليون جنيه يومياً أي خلال شهر مايو فقط فرق السعر بين ما تباع به السجائر في السوق السوداء وبين السعر الرسمي وصل إلي أربعة مليارات وثلثمائة وأربعين مليون جنيه وهذا الرقم الذي أراه مهول «أربعة آلاف وثلثمائة وأربعين ألف مليون جنيه» هذا الرقم تم تداوله بعيداً عن خزينة الدولة تماماً لأنه ذهب إلي جيوب كبار الموزعين وتجار الجملة والفتافيت هي التي يحصل عليها تاجر التجزئة الذي غالباً ما نحاسبه ونلقي القبض عليه ونحمله كل الفاتورة فهو الجشع والذي ليس في قلبه رحمة بينما هو الاضعف في الحلقة بل ان مكسبه كما اقسم لي عدد كبير من تجار التجزئة وأصحاب الاكشاك ان المكسب هو جنيه واحد في العلبة بل انني رأيت كثيرون يحاسبون التاجر الوسيط امامي باسعار غير معقولة بالفعل فالرجل يشتري «خرطوشة- أو قاروصة» الكيلوباترا البوكس بـ ٣٨٠ جنيه وبيعها بـ ٣٩٠ جنيه وهذا التاجر الصغير أو صاحب الكشك هو من نصب عليه غضبنا بينما التجار الكبار الاباطرة الذين يخربون الاقتصاد المصري لا يصل اليهم احد لانهم يرتبون اوراقهم جيداً وكما قال رئيس شعبة الدخان ابراهيم امبابي ان باب البحر به مخازن ضخمة للسجائر بينما يتم تعطيش السوق.

‏●● إن مكسب السجائر لكبار الموزعين الآن اصبح اكثر من مكاسب المخدرات وأقصد ذلك فعلياً فلا توجد تجارة تكسب المليارات بعيداً عن منظومة الضرائب وهذه التجارة زبائنها وصلوا إلي حوالي ١٨ مليون مواطن مصري احصاء «١٩-٢٠».

‏●● الواقع يقول إن هناك أزمة طاحنة في السجائر فماذا كانت النتيجة.. أقول لكم النتائج ببساطة.. أولاً زيادة في السعر غير مسبوقة.. طرح السجائر الصينية أو الليبية في الاسواق وأغلب محطات المترو الشعبية ستجد من يقف في الشارع ينادي أن علبة السجائر المستوردة بعشرين وخمسة وعشرين جنيه وانتشار هذه النوعية فضلاً علي انها مجهولة المصدر ورخيصة السعر انتشارها يعني ضياع المليارات علي خزينة الدولة لتصب في جيوب المهربين.

‏●● إذا كان هاني أمان رئيس مجلس إدارة الشركة الشرقية للدخان والعضو المنتدب يقول إن الكميات يتم ضخها بشكل يومي للموزعين ولا تخفيض للكميات إذن كيف وصل سعر علبة السجائر الكيلوباترا البوكس والكيلوباترا العادية الي ٣٩ جنيه بينما وصل سعر «LM» إلي ثلاثة وخمسون جنيه وسجائر كابتال إلي ستون جنيه، فالمنطق يقول لو إن الكميات كما هي فهناك تفسيرين لا ثالث لهما الاول ان التجار الكبار يقومون بتخزين السجائر وهذا قد يحدث لمدة اسبوع أو علي الاكثر عشرة ايام فإذا افترضنا ان هناك عشرين مليون علبة يومياً أي ٢ مليون قاروصة يومياً أي في الـ ٤٠ يوم حوالي ثمانين مليون قاروصة وهذه الكمية بسعر الشركة حوالي ١٩ مليار جنيه فمن هو الذي سيقوم بتخزين بضائع قابلة للتلف بهذه المبالغ المهولة. أما التفسير الثاني هو تهريب هذه الكميات خارج مصر مما يعني حصيلة دولارية هائلة وهذا لم نره في الواقع.

‏●● ما يهمني هنا ليس زيادة أسعار السجائر بكل انواعها ولكن ما يهمني هو ان الاموال التي تضيع علي خزانة الدولة تقدر بالمليارات يتم وضعها في جيوب عدد قليل من كبار التجار ومن يحاسب علي الفاتورة صغار التجار.

‏●● حتي لو افترضنا ان شركة السجائر توفر الدولار من السوق الموازية فلماذا لا تزيد أسعار السجائر بنسبة ٢٥٪ مما يعني ان السعر في الأسواق لن يزيد عن خمسة جنيهات في العلبة الواحدة أي أن العلبة لن تزيد بأي حال من الاحوال للسجائر الشعبية عن ثلاثين جنيه في حين تباع الآن ما بين ٣٩- ٤٠ جنيه أي ان المواطن إذا وجد السجائر متوافرة بزيادة خمسة جنيهات للعلبة الواحدة سيقبل عليها وهو راضي تماماً لأن بقاء الوضع علي ما هو عليه يكلف ميزانيته الكثير والكثير فهو الآن يتحمل حوالي خمسمائة جنيه شهرياً زيادة في سعر السجائر بينما زيادتها وتوافرها لن يجعله يتحمل سوي مائة وخمسين جنيه فقط.

‏●● الزيادة التي اقصدها وهي الخمسة جنيهات ستكون أعلي زيادة في تاريخ علبة السجائر علي مستوي الكون ورغم ذلك سيتقبلها الكثيرين لانها ستحميهم من ثلاثة اضعافها في السوق السوداء وثانياً سترتفع حصيلة الضرائب المحصلة للدولة من المنبع وسيزيد المبلغ المخصص لدعم الصحة.

‏●● لو شرحنا للمواطن القضية بابعادها كاملة سيتقبلها بنفس راضية ولكن إذا تركنا الوضع علي ما هو عليه فإن علبه السجائر المحلية سيصل سعرها الي خمسين جنيه والفرق بين السعر الذي يتم البيع به في السوق السوداء والسعر الذي تطرحه الشركة يدخل في جيوب قلة قليلة من الاباطرة الذين يقومون بتخريب الاقتصاد المصري عمداً ومع سبق الاصرار والترصد وأرباحهم من هذا التخريب تفوق أرباح تجار المخدرات.

‏●● أضع هذه القضية علي مكتب رئيس الوزراء مصطفي مدبولي وعلي مكاتب السادة النواب في مجلس النواب وعلي مكتب أعضاء مجلس الشيوخ فهي قضية قومية مع التذكير كل لحظة بأن التدخين ضار بالصحة وأنه أحد أهم أسباب الأمراض السرطانية وأحد أهم أسباب الوفاة.

‏●● ياسادة نحن لا ندعو للتدخين أو ندافع عن المدخنين ولكن ما اطالب به هو وقف نزيف تسرب الاموال التي هي من حق خزينة الدولة لتذهب الي جيوب مجموعة قليلة يحصلون علي حصصهم بشكل شرعي وتحت سمع وبصر المسئولين دون ان يحاسبهم احد بينما شركة الدخان تخرج في تصريحات متلفزة لتؤكد ان كله تمام وان الشركة لم تخفض الانتاج والسجائر متوافرة وكل يحصل علي حصته.

‏●● أقضوا علي حيتان السجائر لانهم السبب في نهب اقتصاد مصر ولا تحملوا اخر السلسلة في البيع وهو التاجر الصغير أو صاحب الكشك المسئولية هؤلاء يجب شكرهم لانهم يقومون بتحمل كل المخاطر من أجل مكسب زهيد لا يتعدي الجنيه في سبيل توفير علبة سجائر محلية لمواطن بسيط هي من وجهة نظره كل سعادته او كما يقولون «كيفه» اليومى.

مساحة إعلانية