مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

دكتور يحيى هاشم يكتب : هدم المجتمع يبدأ حين يُقصى العلماء ويُكرم الجهلاء

2025-08-05 12:59:47 - 
دكتور يحيى هاشم يكتب : هدم المجتمع يبدأ حين يُقصى العلماء ويُكرم الجهلاء
دكتور يحيي هاشم

في زمن تتبدل فيه القيم و تُقلب فيه الموازين بات من المقلق أن نرى من لا يملكون علمًا و لا خبرة يتصدرون المشهد في شتى المجالات فهي ظاهرة مقلقة تتسلل بخطى ثابتة لتُحكم قبضتها على مفاصل المجتمع و تُقصي أصحاب الكفاءة و النزاهة في مشهد عبثي لا يليق بمستقبل وطن يطمح إلى التقدم و البناء .

إن أخطر ما يهدد المجتمعات اليوم ليس الفقر أو البطالة أو التحديات الاقتصادية فحسب بل تلك الآلية الخفية التي تُقصي أصحاب الفكر و العلم لتُفسح الطريق أمام من لا قيمة حقيقية لهم سوى المال أو العلاقات أو النفوذ الزائف وحين يُصبح كل شيء قابلًا للتسعير فإننا ندق أبواب الانهيار  للمجتمع من أوسعها .

في ظل هذه الفوضى القيمية  يصبح من الطبيعي أن تُغتال الكفاءات في صمت  فمن يملك المال أو منابر التأثير الزائف يتقدم الصفوف بينما يُهمش أصحاب العقول المستنيرة  و كأن المجتمع يعاقب من يحاول البناء الحقيقي .

المشكلة لا تتوقف عند مجرد شغل المناصب أو الوجاهة الاجتماعية بل تتعداها إلى تفكيك منظومة القيم التي تقوم عليها أي أمة  فحين يرى الشاب أن النجاح لا يتحقق بالعلم و لا الاجتهاد بل بالمظاهر و الولاءات يفقد الحافز و الطموح و يُصاب بالإحباط و اللامبالاة و عندما تُشترى الذمم و تُباع القرارات تذوب العدالة و يحل مكانها الظلم و الانتهازية .

و لعل ما يزيد الطين بلة هو التطبيع المجتمعي مع هذه الظاهرة و كأنها أصبحت واقعًا لا مفر منه فكثيرون أصبحوا يتعاملون مع هذا الانحدار كأمر معتاد في حين أن صمتنا عن هذه الممارسات هو ما يمنحها شرعية خادعة و يزيد من ترسخها في مفاصل الدولة و المجتمع .

إن إنقاذ المجتمع من هذا المصير لا يبدأ إلا من إعادة الاعتبار للكفاءات و وضع الشخص المناسب في المكان المناسب  و تجريم كل أشكال بيع النفوذ و المناصب فنحتاج إلى إعادة إحياء منظومة القيم  التي تقدس العلم و الخبرة و تحارب الرداءة و الانتهازية .

فالمجتمعات لا تنهار دفعة واحدة  بل تتآكل من الداخل حين تُترك القيادة لمن لا يملكون أدواتها  و حين يُقصى أهل الرأي و الحكمة و يُكافأ أصحاب المصالح الضيقة .

إن الواجب الوطني يحتم علينا كعلماء اجتماع متخصصون في دراسة و تحليل آليات هدم و تفكيك المجتمعات ان نزيد الوعي المجتمعي لمواجهة اي ظاهرة سلبية يخطط اهل الشر لغرسها في المجتمع المصري ليجعلنا ننسلخ من شخصيتنا و هويتنا المصرية الاصيلة ليدفع بنا الى تفكيك المجتمع و هدمه .

إن الحفاظ على قوة المجتمع و تماسك الدولة يعد من الامور الهامة  التي يجب ان نتعامل معها بكل وطنية و حب من اجل هذا الوطن العظيم مصر ام الدنيا كلها و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين و تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.

مساحة إعلانية