مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

ساڤريكس ... بقلم إيمان العطيفي

2025-10-13 07:42 PM - 
ساڤريكس ... بقلم إيمان العطيفي
إيمان العطيفي
منبر

الغضب الأسود قادم،الأمل  الوحيد لانتصار الشر ،هو إبقاء الرجال الصالحين مكتوفي الأيدى ،ليست المرة الأولى التى يخدعنى فيها السراب ،فأهرول وعند نقطة الوصول ،يعيدني الى ظلمات الألم،لازلت استعذب عذابي،أتقبل الهزائم بصدر مكبوت مع إجادة تمثيل القوة التى اظهرها دائما، عرفت الآن فقط الإجابة عن سؤالى ،لماذا اكره دائما وجودى فى الجوار ؟!!،وأيقنت ان هذا أوان الإجتياز،سافعلها.

يقولون اننا جميعا جئنا من البحر ،ولكننا لسنا جميعا أبنائه،أبناؤهم الذين يلفظهم رحم المد والجذر، الموجة المبنية هى التى تتعدى ثلاثة امتار طولاً وتصل احيانا الى خمسة امتار ،ما بين بناء الموجة وهدمها لحظات لا يفقهها سوى ابناء البحر.

أبناء المد والجذر يعودون إليه مهما طالت فرقتهم.

كثيرا ما أسأل نفسي عن سر رقصة الزجزاج التى يرقصها الركمجية بلا استثناء ولمسهم الموجة بأيديهم لحظة فورانها مع انهم على يقين ان الموج دافنهم إن آجلا أو عاجلا ،ليس للسؤال جواب سوى عشق الموجة حتى وإن كانت قاتلتهم.

المستوى التالى لهذا اليوم ٣٥ بوصة لكل ١٦ ثانية،لون الموج أسود قاتم يعلوه زبد هادر بلون الثلج،قطرات المياة المتناثرة تشبه بركان "بومباي "،مما يعنى ان هذه الموجة اسطورة،انها كبيرة للغاية مثل وحش، سألت سارة صديقتى المقربة متى يمكننى امتطاء الموج ؟ ،فأجابت بسرعة فائقة مستحيل ،سالتها لماذا ،أجابت لأن هذا اشبه بدخولك الحلبة لمواجهة" مايكل تايسون"،لكن سارة مخطئة ،سأركب الأمواج  يوما  ما حتى لوكنت غير مدربة ،سأفعل ما اريد ولو مرة واحدة حتى لو كلفنى الأمر ما تبقى من حياتى،قابلتهُ صدفة فوق شاطىء المحيط،يبحث عن موجتهُ الهاربه،قرأ ما جال بخاطرى ،وعدنى أن يدربنى على شرط ،أن أظل واقفة بغير سقوط،لم افهم ،لكننى قبلت _الدرس الأول :الأعمدة الأربعة السيطرة على العقل والروح والجسد ولوح التجديف.

_الدرس الثانى : تنفس بعمق وهدوء ،تدرب على تمديد الرئتين ،ففى أغلب الموجات تضطر الى حبس انفاسك من دقيقتين الى اربع دقائق فى الحالات الصعبة

_الدرس الثالث: يوم تتقن التجديف فوق اللوح ،تتقن الركمجة

توثق ربط القدم اليسرى فى اللوح ،تستلقى مسافة قبل قدوم الموجة ،تحاول الوقوف بانحناءة بسيطة عند قدومها،دخول التجويف الإمبوبي التى تشكله بفورانها، رقصة الزجزاج عند اعتلائها ،وتبقى لمسة بيديك تصحبها ابتسامة مغزاها انا على قيد الحياة.

_الدرس الرابع: تقبيل من تحب قبلة حارة مصحوبة بعناق طويل قبل وصولك الشاطىء بدقائق معدودة ،فربما لا تحظى بالفرصة مرة أخرى.

ثمة رياح قادمة من الجنوب ٣٠ عقدة ،قد تصل الى ٥٠ فى حالة هياج الموج،الصخور تمثل للملاح الحزام الناقل ،ولكنها اداة قتل مؤكد للمبتدئين،بداية التدريب الصحيح أن تتخطى ثلاثون ياردة تجديف سليم فى قلب الأمواج بغير سقوط.

"سافريكس" ليست موجة عادية هى اداة قتل محتوم ،تتخطى الخمسة وثلاثون قدما أحياناً ،لا عدد لمن ابتلعتهم بغير لفظ،ولا من اختفوا بداخلها بغير إعادة ظهور،لكن تخطيها حلم ركمجية العالم منذ عصور،ليس لها قانون يتبع سوى إمكانية إلتواء الشخص مع إلتواء الموجه،صخرة "بينيارد" مكان لايحوى سوى الموت لا بد من تجنبها باى شكل ،حارب الموج بقوة ، لا تسمح له بدفعك تجاهها،الخوف والفزع احساسان مختلفان ،الخوف مفيد والفزع قاتل،الأعماق تعلمك اشياء كثيرة اولها التحكم فى التنفس ،واهمها التحكم فى مشاعر الارتياب.

على شاطىء المحيط كان لقاءنا الأول ،كان يصطاد السمكة بالرمح ويشويها على النار كرجل الكهف،سألته بعد عشاء شهي دعانى إليه اين عائلتك؟

اجابنى: لا عائلة لي ابتلعهم جميعا البحر.

شعرت بمرارة شديدة وغصة أشد ،تمنيت لو استطيع البوح له ،ولكننا كنا غرباء عشاء واحد،لاحظ شرودى ،سألنى : مما  تخافين؟

أجبت: لا أعرف

_ لا تعرفين ؟أم ترفضين المعرفة؟!

صمت، اكملنا عشائنا على موعد باللقاء فى تمام السادسة صباحا ،لنبدأ الرحلة معا ،حضرت السادسة إلا خمس دقائق ،راجع معى  القواعد السالف ذكرها ،كنت تلميذة جيدة ،سألنى

:  هل حظيتى بقبلة ما قبل الغوص.

تبسمت ناظرة الى الموجة المعلنة قدومها من بعيد : ،ليس لى من أقبله.

ركب كلا منا لوح تجديفه وقبل أول ارتطام بالموجة المعادية نظر لى قائلا :

: عدينى ان ندخلها سويا ونخرج منها سويا

بكل بساطة اجبت : من أشتهى تقبيله سرقته منى منذ عام مضى.

مساحة إعلانية