مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

سمير لوبه : قراءة نقدية في قصة "قبلة العفريت" للأديب منير عتيبة

2024-11-01 20:21:44 - 
سمير لوبه : قراءة نقدية في قصة "قبلة العفريت"  للأديب منير عتيبة
قصة "قبلة العفريت"

ما أن بدأت أفتح مجموعة " مرج الكحل " المتوالية القصصية للأديب " منير عُتيبة  " فإذا بالإهداء يستوقفني هذا الإهداء يعكس عمقًا إنسانيًا مثيرًا للاهتمام، كأنه ينقل لنا إحساسًا بالمسؤولية تجاه الأسرار والخصوصيات التي يحتفظ بها الآخرون، استخدام الكاتب كلمة "سامحوني" يضفي على النص طابعًا من الاعتذار والتقدير، مما يدل على وعي الكاتب بتبعات كشف هذه الأسرار، فيبدو أنه يسعى إلى فهم أعماق العلاقات الإنسانية، وذلك يثير الفضول حول المحتوى الذي سيأتي بعد هذا الإهداء، الإهداء دعوة للتفكر في حدود الخصوصية والثقة، ويدفع القارئ للتساؤل عن طبيعة الأسرار وأثرها على الروابط بين الأفراد،  فأجد نفسي أستعرض العناوين فإذا بالعنوان الثاني يجذبني لأقرأ تلك القصة التي لم تفلتني حتى انتهيت منها في نفس واحد لأمسك بقلمي كاتبا تلك القراءة النقدية عنها  .. 
تتجلى في قصة "قبلة العفريت" للأديب منير عتيبة ملامح واقعية سحرية تنسجم مع تيمة البحث عن الذات والاختيار الشخصي، تبدأ القصة بحكاية جدة الراوي  التي تجسد براءة الطفولة وقوة الشخصية في مواجهة المجهول، مما يضع القارئ في حالة من الفضول والتعاطف، تستند القصة إلى بيئة ريفية مألوفة تلتقي فيها العناصر الطبيعية بالعنصر السحري، إن وصف بلدة الجدة والتي تعرف كل شجرة وكل شبر فيها يخلق انطباعًا قويًا بالألفة والانتماء، ومن خلال تصوير المشاهد الليلية يتجلى التوتر بين الألفة والخوف حين تخطو الجدة في مسار يُظهر شجاعة نادرة، استحضار شجرة التوت المضيئة والقنديل مثلث الشكل يبرز براعة منير عُتيبة في استخدام الرمزية لتجسيد التحولات النفسية، 
في القصة تُعد الجدة شخصية محورية تجسد قوة الإرادة والشجاعة، حيث توافق على منح العفريت قبلة لإنقاذ حياته، يظهر في الحوار بينهما تباين بين الخوف والفضول مما يعكس الصراع الداخلي الذي تعيشه، اختيار الجدة لقبلة العفريت كوسيلة للتضحية يُعبر عن جودتها الإنسانية، رغم التبعات العاطفية التي ستعانيها لاحقًا، تتجاوز القبلة مجرد لحظة سحرية، لتصبح رمزًا للخيارات التي تشكل مجرى الحياة، بعد القبلة تصبح الجدة ضحية لتأثيرها العاطفي، فينعكس ذلك على حياتها الزوجية، يُظهر كاتبنا كيف تؤثر تجربة واحدة في مصير الفرد، يتجلى الصراع بين الشغف والتردد  فيعكس التعقيدات العاطفية التي يعيشها الإنسان، 
يتميز أسلوب عُتيبة بالبساطة والعمق، حيث يمزج بين السرد المباشر والوصف الشعوري، فيمنح القارئ فرصة للتفاعل مع الأحداث، اللغة المستخدمة تأخذ القارئ إلى عوالم مختلفة تجمع بين العفوية والرمزية فيضفي على النص غموضًا يثير التفكير، "قبلة العفريت" دعوة للتأمل في العلاقات الإنسانية، والاختيارات الشخصية، والتأثيرات غير المرئية التي تحدد مسارات حياتنا، أديبنا منيرعُتيبة  يُعطى صوتًا للنساء ويفتح المجال لفهم التضحيات التي قد تتخذ لأجل الحب والإنسانية، تشكل القصة مثالًا حيًا على كيف يمكن للحظة واحدة أن تغير كل شيء مما يجعل القارئ يعيد التفكير في تجاربه الشخصية وقراراته.
 وتلك القصة واحدة من أربع عشرة قصة للأديب منير عُتيبة  سيكون لي حتما وقفات وقراءات معها.

مساحة إعلانية