مساحة إعلانية
ناصر كمال
منذ بداية البث التليفزيوني عام 1960 في مصر والتلفاز هو جزء أصيل من مفردات الحياة اليومية المصرية وأدي دورا هاما في تشكيل وجدان وثقافة الأمة فحتي نهاية التسعينيات وقبل انتشار مواقع الشبكة العنكبوتية للإنترنت كانت ثقافة أغلبية الناس تليفزيونية تأتي من برامجه وأخباره ومسلسلاته التي كنا نجتمع صغارا وكبارا لننتظر مواعيد بثها وخاصة مسلسل السابعة مساءً عندما كانت القنوات تقتصر علي القناة الأولي والثانية المصرية فقط فإذا كان الهاتف المحمول الآن سببا في تفرق أفراد الأسرة لانشغال كل واحد منها بحياته الافتراضية علي وسائل التواصل الاجتماعي كان التلفاز وخاصة مسلسل السابعة مساء سببا في تجمع أفراد الأسرة معا لمتابعة أحداثه والتفاعل معها فكثيرا ما كنا نتألم مع أبطال المسلسل إذا أصابهم مكروه ما ونفرح معهم لانتصارهم في نهاية المسلسل ويعلق كلا منا علي ما يدور في الحلقة فنسمع الأب أو الأم وهم ينتقدون الشر ويكرهون ما يمثله في القصة فكانت تلك الفترة التي نقضيها أمام التلفاز بمثابة محاضرة في القيم الأصيلة ولكن بطريقة غير مباشرة .
وكثيرا من جيلي الذي قضي طفولته في فترة الثمانينات يتذكر أهم مسلسلاته والتي سوف أتناول منها عملين كتبهما المبدع أسامة أنور عكاشة وأخرجهما الأستاذ إسماعيل عبد الحافظ وهما مسلسل الشهد والدموع (1983) الذي قام ببطولته عفاف شعيب ويوسف شعبان ومحمود الجندي ويدور حول سرقة حقوق الآخرين والتباين الطبقي ويؤرخ لحرب أكتوبر المجيدة وكيف جسدت كلمات المقدمة للشاعر سيد حجاب واللحن لعمار الشريعي هذا الإبداع الفني ليصل لمشاعر وقلوب المشاهدين عندما نسمع علي الحجار يغني
( تحت نفس الشمس وفوق نفس التراب .. كلنا بنجري ورا نفس السراب
كلنا من أم واحدة.. أب واحد.. دم واحد .. بس حاسِّين باغتراب)
ومسلسل ليالي الحلمية (1987) الذي يمثل نمط الحياة في الأحياء الراقية والحارات الشعبية في آن واحد ويجسد العلاقات الإنسانية بأسلوب جذب المشاهدين كثيرا حتي تم إنتاج ستة أجزاء منه ويعتبر ليالي الحلمية وثيقة تاريخية برؤية عكاشة للحياة في مصر منذ الملك فاروق حتي فترة التسعينات وبنفس الروح المبدعة يكتب سيد حجاب تتر المقدمة ويلحنه ميشيل المصري ليغرد محمد الحلو ( ليه يا زمان ما سبتناش أبرياء .. وواخدنا ليه في طريق ما منوش رجوع)
hyasser10@yahoo.com