مساحة إعلانية
استيقظت بسمة من نومها، بالكاد استطاعت أن تفتح عينيها وتفركهما بيديها كي تفيق من نومها ، تحدق فيما حولها ، فلم تستوعب هل هي في حلم أم تم خطفها ؟!
بسمة بائعة الجرائد يتيمة الأبوين ، وتعيش مع أخويها تامر وعلي ، في غرفة على سطح عمارة مكونة من إحدى عشر طابقا وهي تقطن في غرفة بسيطة الحال تحوي القليل من الاثاث المستخدم والقليل من مستلزمات المعيشة بالكاد .
تستيقظ من نومها لتجد نفسها علي سرير مخملي وغرفة كبيرة مزدانة بالديكورات المتنوعة كما غرف الأمراء التي تشاهدها في التلفاز ، فبينما هي تحاول استيعاب ما حدث لها ومن جاء بها إلى هنا ، تسمع صوت طرق علي الباب .،من خارج الغرفة وصوت سيدة تتكلم بصوت ناعم :
-هل انت جاهزة للحمام يا سيدتي ؟ لقد حانت الساعة السابعة صباحا ،هل تسمحين لي بالدخول ؟
نهضت بسمة واتجهت ناحية الباب لتفاجئ بامرأة ثلاثينية ترتدي زي خادمات القصور .
فبادرتها بسمة بالسؤال:
-أين أنا؟ ومن صاحب هذا القصر؟ ومن أنتِ ؟
ابتسمت سعاد الخادمة مندهشة فاغرة فمها :
-هل تختبرين ذاكرتي يا بسمة هانم؟!
- هلم بنا إلى الحمام فالآن صادق باشا زوج حضرتك ينتظرك علي الإفطار في غرفة الطعام .
نظرت إليها وهي تتفرس وجهها :
-صادق باشا زوجي أنا ؟، متي وكيف ؟
فحدثت نفسها ، لا بد أن أسايرهم حتي لا يقولوا عني مجنونة وأصل إلى الخبر اليقين بهدوء وروية ،فلا بد أن الأمر فيه سر عظيم .
ذهبت معها إلى الحمام وجلست في البانيو لتستحم وألبستها الخادمة أجمل الثياب وهبطت الدرج وجلست أمام الرجل الجالس على طاولة الطعام بهيبة و وقار ، يطالع صحيفة في يده ما إن شاهدها قادمة حتى بادرها منشرحا وهو يضع الصحيفة بعيداً :
- ناموسيتك كحلي يا بسمتي.
ردت عليه متلعثمة :
-تسلم ... تسلم يا رب
ومدت يدها لتأخذ بيضة ، واسودت الدنيا بوجهها ، وتضئ فجأة لتجد نفسها في غرفتها المتهالكة تفطر مع أخويها قبل أن تنزل للعمل .
ويضحكون معها ما بك تأكلين ببطء كالأمراء ، هيا حتي تنتهي من طعامك لنلحق بقطار السادسة صباحا المحمل بالجرائد .
صعقت من هذه التجربة التي لا تعرف لها وصفاً ولا تريد أحدا أن يعرفها ، حتي سقط في يدها بعد حين كتاب عن العوالم الموازية وعرفت حينها إنها دخلت في عالم موازي به نفس شخصيتها ولكن في صورة هانم وليست بائعة جرائد وعاشت علي أمل أن يتكرر هذا التداخل الزمكاني ولكنه للأسف لم يحدث مجددا .