مساحة إعلانية
بقلم : عبير يوسف
في الوقت الذي تُسَلط فيه الأضواء على توزيع الوجبات الساخنة وتحسين التغذية المدرسية، تغفل الدولة أو تتغافل عن جوهر الأزمة التي تعصف بالمنظومة التعليمية في مصر، وهي أزمة البنية الأساسية، التخطيط الاستراتيجي، والعدالة التعليمية.
الواقع يقول إن آلاف المدارس تعاني من تكدس الفصول، ودمج أكثر من مدرسة في مبنى واحد، مما أدى إلى خلق نظام الفترات المسائية الذي يرهق الطالب والمعلم ويؤثر سلبًا على جودة العملية التعليمية. المفترض أن تبدأ الدولة بإصلاح حقيقي، يبدأ من تسليم المدارس الجديدة أو التي تخضع لأعمال صيانة، في موعدها قبل بدء العام الدراسي، لا أن يُفاجأ الطلاب وأولياء الأمور كل عام بنفس المعاناة.
أما عن ملف الثانوية العامة، فحدث ولا حرج. ما زالت أعمال التصحيح داخل الكنترولات تفتقر إلى الشفافية والرقابة الصارمة، وسط شكاوى متكررة من التلاعب في أوراق الطلاب، سواء بالتزوير أو بالتعديل غير المشروع، من قبل بعض أعضاء الكنترول أو لجان النظام والمراقبة، أو حتى مراقبي وملاحظي الدور. هل هذا هو العدل؟ وهل هذه هي المنظومة التي ننتظر منها إخراج جيل متعلم واعٍ؟
لا يمكن الحديث عن "تحسين التغذية" في ظل منظومة تعليمية مهترئة من الأساس. فكيف نغذي جسدًا دون أن نغذي عقله؟ وكيف نمنح وجبة ساخنة في مدرسة تفتقر إلى مقاعد كافية، أو لا يوجد بها معلمون مؤهلون أو أدوات تعليمية؟ الإصلاح الحقيقي لا يبدأ من "الساندويتش"، بل من الخطة، والرقابة، والتنفيذ.
نحن بحاجة إلى استراتيجية تعليمية وطنية شاملة، تبدأ من البنية التحتية، مرورًا بجودة التعليم، والرقابة على الامتحانات والتقييمات، وانتهاءً بإعادة الاعتبار للمعلم والطالب داخل المنظومة، لا أن نظل ندور في حلقة مفرغة من الشعارات والمبادرات غير المؤثرة.