مساحة إعلانية
عجز الوقت عن رتق خطاهم. كنت أسبق نفسي إليهم، فأكتشف أن الجحيم هو الخلاص الوحيد، وأن الحذاء فقد أمنيته الأخيرة بأن يخطو مجددًا. كل شيء صار هشًّا، قابلًا للشك، والوعود لم تجد من يربّت على كتفها، والسكين أشد صلابة من كل تبرير. أفلتت الخطى، وانتهت صلاحية الأقدام مبكرًا.
ظننت أنني أتحلّى بالشجاعة، لكن حدود الوقت كانت ضيقة، والطريق أقصر من أن يتسع لخطى جديدة. حتى المدن لم تنجُ. تحمل زخم الشعور، تصفيق جماهير الأحلام، تناوب الدهر، آهـات المارين وذكرياتهم.
كل شارع فيها يحفظ صرخاتٍ غادرت ولم تعد. من يومها تخلّيت عن فكرة الجرأة. تركتُ المعارك تتوارى في الظل، واعترفت لنفسي: لست سوى شظية تبحث عن ثقبٍ تتنفس منه.
تجعدت الخطى حين صار الطريق رملاً، وصرتُ أحصي أصابعي خطوةً خطوة، كأنني أسير على حافة القيامة. وحين وصلت، لم أجد إلا آثار خطواتي… ودمي الأسود على أرضٍ انسحبت من تحت قدمي.