مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

قيامة الحضارة وعودة الروح الى حين تنطق مصر بنور الوجود بقلم محمد فتحى السباعى

2025-11-01 09:20 PM - 
قيامة الحضارة  وعودة الروح الى حين تنطق مصر بنور الوجود بقلم محمد فتحى السباعى
محمد فتحى السباعى
منبر

منذ فجر التاريخ، كانت مصر النقطة التي التقت عندها الأرض بالسماء، والمكان الذي علّم الإنسان كيف يُقيم المعنى في قلب الحجر. وحين قام المتحف المصري الكبير، لم يكن بناءً من حجارة، بل تجلّيًا جديدًا لروحٍ قديمةٍ لا تعرف الفناء.
لقد قام المتحف كما تقوم الفكرة في عقل الخلود، حلمًا تشكّل من عزم الرجال وصدق النية ونور البصيرة، حتى صار الملموس مرآة للغيب، والواقع امتدادًا للحلم.

في "قيامة الحضارة"، لا نرى عودة الماضي، بل استمراره في شكلٍ جديد من الإدراك. فالحضارة المصرية ليست ذكرى تُستحضر، بل كائن من النور يبدّل هيئته ليظل حيًّا في كل عصر. إنها لا تعود لأننا لم نفقدها، بل تستيقظ لأن وعينا هو الذي استيقظ بها.

المتحف الكبير ليس صرحًا من الأحجار، بل معبدًا للفكر، فيه تتقاطع نظرة المصري القديم الذي رأى الإله في كل ذرة، مع الإنسان المعاصر الذي يبحث عن نفسه في مرايا التاريخ. كل تمثالٍ هناك ليس قطعة صامتة، بل سؤالٌ عن معنى الخلود، وكل برديةٍ تنطق بالحكمة القديمة التي قالت:

"من عرف النور في نفسه، عرف الأبد في وجوده."

وحين يتأمل الزائر وجه توت عنخ آمون، أو عظمة رمسيس، أو جلال نفرتيتي، يشعر أن الزمن نفسه ينحني احترامًا لهذه القيامة الهادئة للحضارة. فكل ما في المتحف يهمس بأن الخلود ليس وعدًا بعد الموت، بل حالة وعيٍ في الحياة، وأن مصر لم تنتظر من يوقظها، لأنها كانت دومًا هي النور الذي يوقظ العالم.

هكذا، حين اكتمل الحلم، لم يكن افتتاح المتحف الكبير مجرد حدث أثري، بل لحظة استنارةٍ كونية؛ فيها عاد النيل ليجري في وجدان البشرية، وعادت مصر لتقول:

"أنا النور الذي لا يُطفأ، وأنا الفكرة التي لا تموت."

مساحة إعلانية