مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

كأن الموت ضحكة .. قصيدة للشاعرة إيمان إمبابي

2024-04-21 06:54 PM - 
كأن الموت ضحكة .. قصيدة للشاعرة إيمان إمبابي
الشاعرة ايمان امبابي
منبر

"في مثل هذه الأيام رحل أحمد رحمه الله  في منتهى السلام والابتسام 
إلى روحه الطاهرة "

عيونه  
كشرفة مسدلة الستائر 

تنتظر أمه بأجفان مواربة
حين دخلت عليه بكامل حسرتها
بينما أحمد 
في غرفته بالمستشفى 
التي مارس فيها الحياة
كأنه يضحك ضحكته الأخيرة
من حماقات البشر
ربما كان يشفق على من
لم يدركهم الموت 

الآن تحرر أحمد 
من الحياة
بينما يعيقهم
تعثرهم في انفسهم 

لطالما بادرنا أحمد بابتسامة 
ناصعة
كأنما يرشدنا لطريقة
ميسرة للموت
دون أن نعتبره لصاً 
يحرمنا حلاوة غفلتنا

أمه دوما تحذره
من ضحكته وعواقب برائتها
لكنما لم ينخرط أبدا 
في حكمتها
بل تجهز ليجعل من الموت ضحكة 

عادت بدونه ذاك اليوم
كرجفة دون صدى
تحتضن أنفاسه 
التي اتشحت بها وسادته
تجمع في سلة وجدها
بعض ذكرى علها تقتفي
أثر ضحكته الراحلة

حتى ثيابك ياأحمد 
تلوح بأكمامها حين تحتضنها أمك
وكأنما تتدرب على وداعك
الذي مضى فجأة
فقد غافل رحيلك حتى 
ثيابك
فراحت تتمثل مشهد وداعك
من جديد

كم عامل أحمد مرضاه في قسم التخدير
كأب يهش الموت عن وجوه أطفاله

الموت كالذباب
يحط بطريقة مستفزة 
لكنما ابتسامة أحمد 
سخرت من نفاق الحياة 
حين تقابل الموت برغبة في التهئ
لاستقباله في المرة القادمة

كانت يده تعمل 
على ضوء ابتسامته 
لاتخطئ أي وريد 
وهي تدس فيه المخدر 
ربما ليمنح مرضاه غفلة من الحياة والألم
وتجربة الموت الصريح بلا نفاق

لم تكن يداه عبقرية 
بل كانتا بريئتين بما يكفي لتعملا 
من تلقاء نفسيهما 

فالموت ضحكة أخيرة 
نتدرب عليها طيلة العمر
لكننا لانعرف جوهرها
ربما عرفه أحمد 
وهو يوشمنا ببعض منها 
حين يمارس
الضحك بطريقة عابر سبيل
لا يضع بصمته
إلا على أدوات اغترابه

مضى أحمد 
ونحن هنا قد فقدنا
بوصلة الرحيل
التي ترشدنا لابتسامة 
تفضي بنا إلى سلاسة الموت 

مساحة إعلانية