مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

لقاء.. قصة قصيرة ..بقلم الأمير محفوظ

2025-02-08 19:10:26 - 
لقاء.. قصة قصيرة ..بقلم الأمير محفوظ
الامير محفوظ - نادى ادب طهطا

قمت بإغلاق الباب الخاص بمكتب رئيس تحرير إحدى الصحف الكبرى للتو وغادرت بعدما تسلمتُ منه مبلغ مالي كان نظير الفوز بإحدى المسابقات التي تنظمها الجريدة بشكل سنوي في ذكرى تأسيسها، ورغم أن المبلغ زهيد نوعاً ما، إلا أني كنت بحاجه ملحه إليه، كان الطقس باردا قبل خروجي فارتديت المعطف الأسود الذي اخبأه لأرتديه فقط عندما أذهب لمقابلة شخصيات هامة ومرموقة مثل ذاك الرجل فاحش الثراء الذي أذهب إليه مطلع كل شهر ميلادي لأترك له إيجار الحجرة الصغيرة التي استأجرها أعلى سطح احدى العقارات التي يمتلكها، ورغم اني في كل مرة لا اقابل سوى احد افراد الامن الخاصة بشركته، ليأخذ المبلغ قبل أن يعطيني إيصال باستلامه، الا انني دائماً اهتم بأناقتي تحسباً لعله يقابلني يوماً ما، ورغم ضآلة تلك الحجرة التي استأجرها إلا أنها تكلفني ما يقرب من نصف راتبي ولكنها تفي بالغرض لكونها قريبة من عملي كمحاسب بأحد مطاعم الوجبات السريعة بنفس الحي الراقي ذاته بعيداً عن المناطق الشعبية المكتظة بالسكان ومليئة بالباعة الجائلين وأصوات الصراخ التي كانت تحول بيني وبين قيلولتي قبل ذهابي للعمل الذي ابدأه عصراً وانهيه يومياً مطلع الفجر، لذلك اضطررت لاستجارها، كما أن من اهم ما يميزها أيضاً أنها تعلو عقار به عدة مصاعد كهربائية استخدم احداها دائماً للصعود الى الدور الاخير قبل أن أصعد فقط بعض درجات سلم داخلي صغير مصنوع من الرخام قبيل الوصول إليها، وقد اعتدت العيش وحيداً فأنا رجل ثلاثيتي اعزب لم اتزوج لضيق الحال وصعوبة الارتباط في الظروف الحالية لشخص مثلي، وليس لدي أقارب سوى أخت تكبرني بخمس سنوات تعمل طبيبة وقد هاجرت بصحبة زوجها منذ زمن إلى بلاد الحرمين، كانت تتواصل معنا في حياة والدينا لكن بعد وفاتهما قل التواصل إلى أن انقطع تماما مع مرور الوقت ولا أكاد أعرف عنها شيئاً سوى أن لديها صبيّان أعمارهما متقاربه صارا شبان الآن، أرى أحياناً بعض الصور لهما على بعض مواقع التواصل الاجتماعي عندما تبث أمهما مقطعاً لهما أو صوره يعلوها دعاء أو آية قرآنية وبالأخص عند زيارتهم الحرم المكي أو المسجد النبوي، فأضغط زر الاعجاب وأمرر لأتابع بعض الصفحات الأخرى قبل أن اغلق هاتفي كل يوم قبيل نومي.. واليوم جئت إلى هذه الجريدة المرموقة، لذا كان يجب أن اهتم بمظهري وهيئتي ، وإلا أظهر بمظهر المتشرد الذي يأتي ليتحصل على صدقة، بل جئت لأظهر بكوني الرجل المثقف الذي ربح بمسابقة ثقافية وأتى لأخذ الجائزة التي هي من حقه لكونها جائزة معنوية، وبالأحرى كي لا أظهر أمامه أني بحاجة إليها، رغم اني الفائز الوحيد الذي حضر من اصل خمسة فائزين لم يحضر في الموعد المحدد منهم سواي فقط لاستلام الجائزة، لكن لا يعنيني هذا، تسلمت المبلغ وأغلقت الباب خلفي وأنا اضع الظرف في جيبي بعدما تأكدت من وجود النقود داخله، واخذت ادفعه بيدي لأسفل الجيب خوفاً من أن يسقط، فاصطدمت في طريقي بشخص ما كان مارا أمام المكتب، فنظرت فإذا بها سيدة في غاية الجمال، تقاطيع وجهها جذابة، أزاحت بأصابع يدها بعض خصلات شعرها الشقراء إلى الوراء فإذا بعينها واسعتين زرقاوين مضيئتان، وملامحها ملائكية، وكأنها ملامح طفلة رضيعة في جمالها الطبيعي، وجسدها ممشوق تظهر منه نتوءات خصرها وصدرها من خلال الملابس العصرية التي ترتديها فأخذ قلبي بالخفقان عالياً، واتسعتا حدقتا عيني وأنا أنظر إليها وأشعر بارتجافه في جسدي، فقد خطفتني في وهلة فبدت لي انها من أجمل النساء اللاتي رأيتهن في حياتي، بل هي اجملهن على الإطلاق، سارعتُ بالاعتذار انا آسف لم انتبه، فكانت في غاية الذوق الرفيع واعتذرت لي هي أيضاً برغم كوني أنا المخطئ، وسألتني.. هل انت تعمل هنا؟ عقدت حاجبي واجبتها بطريقة الفنان محمد صبحي عندما كان يؤدي شخصية على بك مظهر بأحد أفلامه فعدّلت رابطة عنقي.. قائلاً .. الا تعرفيني ؟! أنا ايمن بك صديق شخصي لرئيس التحرير وكنت في ضيافته، قالت: اهلا وسهلاً يا ايمن بك، ويا ترى ما هي وظيفتك يا صديق رئيس التحرير؟ وقبل أن اجيبها قالت دعني اخمن .. تفحصتني بعينيها من أعلى إلى أسفل في نظرة سريعة وقالت: اعتقد يا سيد ايمن انك شخص رياضي جداً، وتعمل في مجال الرياضة.. هنا لم ارد أن اخيب ظنها وأخبرها بأني شخص علاقته بالرياضة مثل علاقة مريض السكري بالحلوى، القليل منها يسبب له المشاكل، فأنا ينتابني التعب والاجهاد من مجرد المشي لمدة خمس دقائق، ولا اجيد حتى مجرد التحدث في الرياضة، نهيك عن ممارستها، ولكن أومأت برأسي بالإيجاب وأنا أنظر في عينيها اللتين سحراني بجمالهما، أجل أنا رياضي جداً، فقالت : وأي نوع من الرياضة تمارس يا ترى؟ تلبكت ولم اعرف بما اجيبها، فقلت ما رأيك في أن تخمني أيضاً اسم الرياضة التي امارسها كما خمنتي وعرفتي للتو اني رياضي؟ ، فقالت: اعتقد على ما يبدو لي انك تمارس رياضة عنيفة نوعاً ما ربما رياضة العدو ، فقلت ماذا العدو؟ قالت أجل رياضة العدو .. الجري ، سارعت قائلا نعم نعم العدو.. أنا فقط تفاجئت لأنك اصبتي حقاً، فأنا بطل أولمبي في رياضة العدو والجري والقفز .. وكل هذه الأشياء، كيف عرفتي كل هذا انت شديدة الخطورة، فلديك عيون ساحرة وذكاء خارق، ابتسمت وقالت الأمر لا يحتاج إلى ذكاء فهيئة جسدك هذا دون بطن ممتدة للأمام ولأسفل مثل غالبية الرجال الذين لا يمارسون الرياضة ينم عن كونك رياضي أو تعمل في مجال الرياضة، وافقتها نعم نعم، وأنا في حقيقة الأمر لا اعرف ما علاقة اني لست من أصحاب البطن الممتدة أو الكرش كما يسمونه وكوني أمارس رياضة من رياضات العاب القوى من عدمه، يبدو أن هذه الفتاة لم تقابل إلى الآن شخصاً مثل زميلي في العمل جاسم ذاك الرجل الكسول جدا، الذي عندما تراه من أول وهله تظن أنه لم يذق طعاماً منذ اسابيع، برغم أنه يتناول وجبة الإفطار في العمل ثلاثة مرات توالياً قبل أن يأكل وجبة الغداء مرتين، أكاد أجزم أن كل بقايا الطعام التي يتركها الزبائن يأكلها قبل أن ينظف الاطباق، وبرغم أن بطنه تكاد أن تتسلق بظهره فإن هذا الرجل على أتم الاستعداد أن يأكل بقرة وخروفين كل يوم أن أتيحت له

مساحة إعلانية