مساحة إعلانية
تقرير / صابر جمعة سكر
في ظل تزايد النزاعات المرتبطة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي كمنصات للنشر، أصدرت محكمة النقض حكمًا مهمًا أرست من خلاله مبدأ قضائيًا جديدًا مفاده: نشر الأحكام الجنائية عبر المنصات الإلكترونية لا يُشكّل انتهاكًا للخصوصية، متى اقتصر على مضمون الحكم دون الخوض في تفاصيل الحياة الشخصية للمحكوم عليه.
بداية الواقعة
القضية تعود إلى منشور على موقع فيس بوك داخل مجموعة بعنوان نادي المزاريطة الرياضي، حيث اتهم أحد الأعضاء آخر بنشر أخبار وعبارات مسيئة تمس سمعته وخصوصيته. النيابة العامة نسبت إلى المتهم أنه بث عبر حسابه معلومات خاصة بالمجني عليه دون إذنه، وأحالته إلى المحاكمة الجنائية.
محكمة جنح القاهرة الاقتصادية قضت ببراءة المتهم، إلا أن النيابة استأنفت الحكم ليصدر ضده حكم غيابي بالغرامة 50 ألف جنيه. ورغم المعارضة، أُيّد الحكم بحقه، فلجأ المتهم إلى محكمة النقض.
رواية الضابط والمجني عليه
تحريات إدارة تكنولوجيا المعلومات أثبتت أن المتهم نشر صورة من حكم جنائي سابق صدر ضد المجني عليه بالحبس 6 أشهر وكفالة 500 جنيه، مرفقة بتعليق اعتبره الأخير سبًا وقذفًا أضرّ بسمعته.
دفاع المتهم أمام النقض
محامي المتهم دفع بأن ما قام به موكله لا يشكل جريمة، لأن الحكم الجنائي "صادر باسم الشعب ومتاح للكافة"، وبالتالي فإن نشره لا يُعد انتهاكًا للحياة الخاصة أو مساسًا بالخصوصية.
حيثيات محكمة النقض
محكمة النقض أيدت هذا الدفع، مؤكدة أن معيار المساس بالحياة الخاصة يقدره قاضي الموضوع، لكن نشر حكم قضائي متاح للجميع الاطلاع عليه لا يُعد خوضًا في الخصوصية.
وأوضحت أن إدانة المتهم استنادًا إلى المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات كانت خطأ في تطبيق وتأويل القانون، وهو ما استوجب نقض الحكم والقضاء بالبراءة عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية.
الحكم النهائي
انتهت محكمة النقض إلى قبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة المتهم.
بهذا الحكم، رسمت محكمة النقض خطًا فاصلاً بين حرية النشر والاعتداء على الخصوصية، مؤكدة أن:
نشر صور الأحكام الجنائية الصادرة باسم الشعب لا يُعتبر انتهاكًا للخصوصية، ما دام النشر اقتصر على مضمون الحكم ولم يتطرق إلى تفاصيل الحياة الشخصية أو بيانات تمس سمعة المحكوم عليه.