مساحة إعلانية
لم استطع الخروج من حالة التأثر والمعايشة لهذه التجربة المكتوبة بأحرف من وجع، تلك التي سكبها بداخلنا بعد أن عاشها بكل صبره وتحمله كاتبنا الكبير الراحل محمد جبريل، والذي سجلها لنا في روايته التسجيلية « مقصدي البوح لا الشكوى».
تجربة ومعاناة مع المرض والطب والعلاج والأطباء والمستشفيات والتحاليل، أوجاع الجسد، مقاومة الجسد، الـتأقلم مع الألم، رحلة طويلة وموجعة عاشها الكاتب وسجلها لنا لنعرف مدي نبله حتي مع المرض، لايريد أن نري ضعفه، يريد أن نري الصورة الناصعة للكاتب الممتلئ حيوية كحضوره الزخم بيننا، كثير منا كان يظن عندما نشاهده صوره في مكتبته التي كان الأصدقاء ينشرونها بعد زيارتهم في منزله قلعة الأدباء إنها مجرد خطوط الزمن الظاهرة علي ملامحه وهذا أمر طبيعي، لم يعرف العامة أن الكاتب الجبل يحمل أوجاع المرض بداخله مما لا يتحمله بشر ولا يطيقه، ومع ذلك لم يتوقف عن الكتابة ويجلس أمام الكمبيوتر بالنصف يوم يكتب ويراجع ويتأمل كما تقول رفيقة دربه الكاتبة القديرة د. زينب العسال في آخر لقاء مع الكاتبة الألمعية عائشة المراغي وهي تحكي عن أيامه الأخيرة .
كواحد من جيل قدم له محمد جبريل، وكان من رواد ندوته الأسبوعية في المساء التي يأتي لها الأدباء من كل مكان يشعرون بالدفء والمحبة في هذا الحضن الكبير الذي فتحه قلب وعقل وروح الكتب الكبير للجميع فكان صديق للصغير والكبير .
من يقرأ أوجاع أو بوح كاتبنا في هذه الرواية التسجيلية ورحلته مع المرض، سيدرك كم كان كاتبنا الراحل إنسانا عظيما، كم تحمل من الألم وصبر علي أوجاع الجسد .
ونخرج من هذه الرواية بكل ما فيها – واظن هذا ما يقصده الكاتب، أو هكذا فهمت – بأن مايحدث لنا من أقدار في هذه الحياة من مرض وابتلاء،لا يوقفنا علي مواصلة الطريق،ومواصلة رحلة العطاء .
رحم الله أستاذنا محمد جبريل،وجعل تحمله لكل هذا الوجع في ميزان حسناته .
وتبقي كلماته نورا يضيء لنا ظلمات العتمة في الحياة، ويمنحنا القوة، ويرسم لنا طريق الجمال والمحبة .