مساحة إعلانية
تتمثل الشخصيات الرئيسية في الرواية في برنارد ماركس، الذي يشعر بالغربة والرفض الداخلي للمجتمع علي الرغم من كونه جزءًا منه. يقول برنارد في أحد المقاطع: “الكل سعيد الآن” لكنه يتساءل بمرارة عما إذا كانت السعادة الحقيقية ممكنة في عالم خالٍ من الحرية والإرادة الحرة. كما توجد لينينا كراون، التي تمثل العضو النموذجي في المجتمع والطاعة العمياء للنظام، تعيش حياة خالية من الهموم بسبب اعتمادها الكامل علي مخدر “سوما” وتكرارها المستمر للشعارات المجتمعية.
وجون “الوحشي”، الذي وُلد بشكل طبيعي خارج النظام، يُظهر رفضًا قويًا لقيم هذا المجتمع ويمثل العنصر الخارجي الذي يواجه المجتمع المستقبلي بقيمه الإنسانية المختلفة. جلب جون إلي المجتمع المتقدم يكشف عن التناقضات والخلل في هذا النظام المثالي الظاهر. يقول جون في حواره مع أحد مصممي المجتمع الكبار، وهو مصطفي موند: “أريد الله، أريد الشعر، أريد الخطر الحقيقي، أريد الحرية، أريد الخير، أريد الخطيئة”. هذه الجملة تلخص بشكل قوي رفضه للتخلي عن القيم الإنسانية الأساسية في مقابل السعادة المزيفة التي يوفرها النظام.
وهكذا تبين الرواية كيف يتم استخدام التكنولوجيا الحديثة ليس فقط لتحسين حياة البشر، ولكن أيضًا للتحكم في نمط حياتهم من أجل تحقيق استقرار اجتماعي مزيف وذلك علي حساب الحرية الفردية. تطرح الرواية أيضًا تساؤلات حول معني الحرية الحقيقية في مجتمع يتم فيه برمجة الأفراد لتقبل أدوارهم المحددة دون تفكير أو اعتراض من خلال فرض ثقافة وسلوكيات محددة علي الجميع، مما يؤدي إلي فقدان التنوع الثقافي والفكري. تُظهر الرواية كذلك أن قيم مثل الحب، الأسرة، والفن قد تم التضحية بها في سبيل تحقيق سعادة وهمية مصممة سلفًا ومبنية علي تخدير الوعي وسلب الإرادة من البشر.