مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

نوفيلا : الليالي السبع...بقلم إيمان العطيفي

2025-08-13 01:22:07 - 
نوفيلا : الليالي السبع...بقلم إيمان العطيفي
صورة تعبيرية
منبر

(نوفيلا بقلم الكاتبة الروائية إيمان العطيفى من سبعة فصول سوف ينشر موقع منبر التحرير فصلا كل ثلاثاء)

الليالي السبع

(١)

 أنا والملك

في أعماق بلاد ما بين النهرين، حيث وُلدت الحضارة وازدهرت الأساطير، يكمن سرٌ دفين يثير الخيال ويشعل التساؤلات. بين أطلال مدينة "أور السومرية"، وتحت ظلال الزقورة المهيبة، تم الكشف عن هيكل غامض أشبه برسالة من عالم آخر.

إنه بناء من الغرانيت، المادة الغريبة عن هذه الأرض، وكأنها جاءت من مكان بعيد لا نعرفه، محمولة بأيدٍ مجهولة، بتقنيات تتحدى حدود الزمن. النقوش التي تغطي هذه الكتل الضخمة ليست مجرد زخارف عادية، بل هي رموز تنبض بالغموض. أنماط هندسية تتداخل مع خرائط نجمية وكوكبات سماوية، كما لو كانت تخبرنا عن طريقٍ إلى النجوم أو عن حكاية كونية فقدنا مفتاحها.

العلماء يقفون عاجزين أمام فك شيفرة هذه الرموز، بينما يهمس البعض بأنها ليست من صنع البشر، بل ربما هدية من زائرين من عوالم بعيدة، أو إرثًا من حضارة ضاعت في طيات الزمن.

الغريب أن هذه النقوش ليست فريدة، فقد ظهرت رموز مشابهة في أماكن بعيدة جدًا عن بلاد ما بين النهرين، في" بوما بونكو" الغامضة في" بوليفيا،" ومعابد "أنكور وات" العجيبة في "كمبوديا.

" كيف يمكن لحضارات تفصلها آلاف الكيلومترات أن تتشارك هذه اللغة الغامضة؟ هل كانت هناك شبكة كونية تربطها؟ أم أن الأمر أعمق مما نتخيل؟

التفسيرات تتراوح بين المنطق والأسطورة. البعض يعتقد أن هذه الهياكل كانت بوابات نجمية، ممرات إلى عوالم موازية أو أبعاد أخرى. هذا الاعتقاد يجد صدى في أساطير السومريين، الذين تحدثوا عن "الأنوناكي"، الآلهة التي كانت تسافر بين السماء والأرض، وتملك معرفة تفوق إدراك البشر.

لكن، ماذا لو كانت الحقيقة أبسط وأكثر إثارة؟ ماذا لو كانت هذه النقوش رسالة لنا، نحن أحفاد هذه الحضارات؟ رسالة تخبرنا أن نرفع أعيننا إلى السماء، أن نبحث عن ماضينا بين النجوم، وأن ندرك أننا لسنا وحدنا في هذا الكون الشاسع.

الزمن قد يدفن الأسرار، لكنه لا يستطيع محوها. فهل نحن مستعدون لسبر أغوار هذا اللغز؟ أم أن الرمال ستظل تحرس أسرارها، تنتظر من يجرؤ على كشف الحقيقة؟

كان هذا الحديث هو أول أحاديث الركض خلف المجهول الذى بدأه "تمار" الملك مع" ليلى "،حيث أكد عليها عدم اتخاذ اى قرار خاص بالانتقام لمدة سبع ليالي عرض عليها ان تمنح جسدها وروحها حق الراحة والاستجمام فى هذة الليالى على وعد منه برحلة ليلة الى عوالم مجهولة.

تبسمت" ليلى" واشترطت عليه ان تكون صاحبة الأختيار للأماكن المقصودة ،ومن شدة شغفها وحبها الدفين الى بلاد النهرين اختارت ان تكون اول سهرة على أرض العراق تحديدا فى كربلاء.

اتمت" ليلى "عشائها الأول وهى محاطة بجوارى الجن وكلهن فائقات الجمال ،وبأمر من الملك الأكبر الكل مطيع لها ملبياً لكل مطالبها ،تبسم الملك فى وجهها ،حيث انه لا يشاركها طعامها بفعل اختلاف الجنس ،ردت الابتسامة بابتسامة مماثلة ،قبل ان يردف قائلا :

سوف أذهب بك الى بيت أعشق جدرانه بشدة وعندما تدخليه وتتعرفي على قصة ساكنيه ستبادليه عشق بعشق.

لا يحتاج" تمار" لنقل "ليلى "من زمان الى زمان ومن مكان الى مكان الا قبولها لحضن بين يديه ،لتغلق عينيها لحظات ،وعند فتحهما تجد نفسها حيث تأمل وتتمنى ،فهذة اشياء هى تجيدها منذ زمن .

نظر "تمار "الى جدران البيت بحزن شديد خبأه خلف ابتسامه واهيه قائلا:

أغلقى عينيك ولمدة عشر ثواني ثم افتحيهما ببطء .

نفذت" ليلى" المطلوب لترى أمامها امرأة وفتاتين صغيرتين  تلعبان حولها بسعادة غامرة ،كن على قدر كبير من الجمال والأناقة ذات الطراز القديم وكأنها تشاهد احدى حلقات الف ليله وليله.

لاحظت "ليلى" انها تراهن وهن لا يرونها ،فنظرت الى الملك باستغراب شديد ،فتبسم واردف قائلا:

سأتيكِ بخبرهن... كانت متزوجة ولها ابنتان وتعيش عيشة رغدة حتى اتاها زوجها ذات يوم وقال :

لو علمتي أن أصلي من الجن فهل ستعيشين معي؟

_ ماهذا التخريف؟

_ تخيلي وأجيبيني

_ طبعا لا

_ لماذا؟

_ لا آمن على نفسي منك

_أولا تحبينني؟

_ بلى أعشقك بجنون لكن لا أستطيع أن أحب شيئا أخافه علاوة على ذلك جنسان مختلفان يستحيل أن يتفقا

_ وبيننا ابنتان ما مصيرهما في قلبك؟

_ اخاف منهما أيضا

_ قال قد حملتيهما تسعة في بطنك!

_ حتى وإن

وباتا تلك الليلة متظاهرين إلا أن زوجها لم ينم أصلا حتى افاقت وجدت البيت خاويا من زوجها وابنتيها ووجدت رسالة من زوجها يقول فيها:

إني قد حاولت أن أمهد لك مرارا بحقيقتي ولكن لم أجد في قلبك صمودا هل تذكرين حين كنت صغيرة في بيت ابوك كنت دائما تمشطين شعرك وتتأرجحين عند شجرة التين في حديقتكم وكنت أنا شغوفا بالتين كثيرا كنت اتسلل من أرضنا عبر هذه الشجرة وتعودت عليك حتى عشقتك وجلست حينا من الدهر اراقبك تكبرين وتزدادين جمالا وازداد بك عشقا الى أن اصبحت فتاة في سن الزواج فأعلمت أهلي بعشقي لك ورغبتي في الزواج منك فقوبلت برفض شديد لاسيما أن أبي هو سيد قبيلتنا ومن غير المعهود أن يتزوج الجن بالإنس إذ أننا ننظر لجنسكم نظرة دون الا أنني أصررت على طلبي متحديا عاداتنا وتقاليدنا وأبي الذي قرر نفيي من أرضنا إن لم أعدل عن قراري ولكنني تحديت قومي ونفيت من أرض الجن وتزوجت بك يا قلبي وكانت حياتنا سعيدة الى أن جاءني مرسوم من قومي يطلبونني فيه إذ أنه نشبت حرب عظيمة ضروس بين قبيلتنا وقبيلة مجاورة وقتل جدي وأبي وأعمامي وأخوتي ولم يبق غيري لسوء حظي وحظهم أيضا ولا مفر من الرفض يجب أن أعود لأدافع عن أرض أجدادي فلم يكن مجال للرفض وخفت أن اودعك ابنتينا فترميهما أو تقتليهما لو بان شيء من جنسهما الجني بعد أن أكدت لي موقفك مرارا من استحالة العيش معي وابنتاي ، والحق يقال أنني لم أستطع مصارحتك بحقيقتي ولكن حاولت التلميح لك كثيرا وفي كل مرة تصدينني فآثرت الهرب بهما علنا نلتقي ان انتصرنا في الحرب أو نلتقي في حياة اخرى...سامحيني ووصيتي لك بحق عشرتنا وحبنا الطاهر أن لا تخلعي خاتم زواجنا من اصبعك واستحلفك بكل ما هو غال ومقدس في حياتك...( زوجك المحب).

جن جنونها لما قرأت الرسالة ووجدت البيت خاليا من ابنتيها وتساقطت دموع اللوعة على خديها لم تفكر في ابنتيها ولا في زوجها الذي من الجن اذ تتساوى الأجناس أمام الحب العظيم كل ما كان يشغل بالها هو أن يصيب عائلتها مكروه حتى وإن كانو من الجن صحيح أن الانسان لا يستطيع تقدير الاشياء حق قدرها الا حين يفقدها وأخذت تنظر لخاتمه بحرارة وتحس بدفء في اصبعها وقلبها فتعلم أن حبيبها بخير ومرت الأيام والليالي وهي لا علم لها بمصير عائلتها وهذا ما كان يضنيها اذ كيف تستعلم عنهم؟

حاولت مرارا أن تذهب لمشعوذين يدعون الاتصال بالجن ولكن لا فائدة اذ اكتشفت أنهم مجرد محتالين الى أن جاء يوم دخلت الحمام تغتسل وخلعت خاتمها وحين خروجها نسيت خاتمها في الحمام وخلدت للنوم اذ كانت متعبة من قراءتها لكتب الجن طوال الوقت رأت حلما عجيبا!! ابنتاها يبكون وهما ينظران اليها والى ابيهم الذي كان يحارب غولا أسود ضخم ينفر النيران من انفه في كل مكان , صرخ بها زوجها لما خلعتي الخاتم ارجوك ارتديه ولا تخلعيه مرة اخرى .

افاقت من نومها مفزوعة ممسكة بأصبعها فانتبهت أن الخاتم غير موجود فنهضت مسرعة للحمام ولبست الخاتم وهي مرهقة جدا من هذا الحلم المخيف وفي نفس الوقت تفكر لماذا لم أحلم بهم إلا بعد أن خلعت الخاتم ؟ وأخدت تحملق في فصه البلوري الأحمر أمام المرآة لوهلة وسرعان ما سمعت صوتا خارج المنزل فاقتربت من نافذة الحمام لتفاجئ بمعركة بين نسر أحمر وكلب أسود و فوق غصن شجرة التين وقفت حمامتان بدا أنهما يراقبان المعركة وكان الكلب ضخما جدا الا أن النسر كان سريعا..

لم تستوعب ما تراه عيناها وسط الذهول والهلع الشديدين أخدت تتذكر الكابوس الذي حلمت به لتوها الذي بدأ يتلاشى شيئا فشيئا … صمت الملك محاولا التقاط انفاسه وكأن الكلام أجهده ،فى نفس اللحظة أختفت المعركه من امامها ،وكأن شيئاً لم يكن ،اخذت تهز كتفه بعد ان ألقى بنفسه فوق كرسي هزاز متهالك بجوار الحائط تلفه خيوط العنكبوت من كل اتجاه.

_ اكمل يا "تمار" ماذا حدث لهم،ومن هؤلاء ،أكمل بالله عليك!!

متبسماً قال :

لقد شقشق النهار يا أنسيه غدا نكمل المسيرة.

وسرعان ماضمها بين يديه ليعودا الى قصره من حيث بدأت الرحلة.وبدأ يشغل بالها سؤال يدق باب قلبها قبل العقل ترى ماذا يقصد" تمار" بسرد هذة القصة ؟!أتراه قاصدا اعلامها بصلاحية عشق الحن للأنس، أتراه .....؟!...ربما ... لا لا انه الملك الراعي ، ولكن,

من يعلم المخبوء ؟

(إلى اللقاء الثلاثاء القادم مع الفصل الثاني)

مساحة إعلانية