مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

المبدعون

نون الحنين قصيدة للشاعرة الكبيرة كريمة ثابت

2024-09-16 01:01 AM - 
نون الحنين قصيدة للشاعرة الكبيرة كريمة ثابت
الشاعرة كريمة ثابت
منبر

نهرٌ منَ الأشواقِ يرتجلُ المعاني
      وسنابلٌ من دهشةٍ تصِفُ افتتاني
أغوى القصيدةَ شهدُ لَحنٍ سائغٍ
         فتحرّرتْ بي لذّةُ النّشوانِ
حَلّت ضفائرَها اللُّغاتُ وزُيّنَتْ 
       إذ قيلَ
"سيرةُ سَيّدِ الأكوانِ"
هاجَتْ دموعُ الحَرْفِ إذْ ناجَيتُهُ  
       فمضى ليُطفئَ غلّةَ الصَّديانِ
غُصناً عصيّاً كانَ قلبي، تائهاً
        قَلِقَ الوَريدِ، مُسَهّدَ الشِّريانِ
حينَ ارتوى مِن طيبِ ذِكْرِكَ وِرْدُهُ
       تلَتِ الثمارَ نَضارةُ الأغصانِ
في بطنِ مكّةَ قد تركْتُ قصيدَتي   
       لتحاورَ التاريخَ في الغِيرانِ
تستنشقُ الذّكرى بـ "ثَورٍ" مِسكَها
      و"حِراءُ" يَصهرُها بلا ذوَبانِ
فإذا ببدرٍ تقتفي نورَ النّبي
        فأهيمُ عاشقةً ثَرى الوِديانِ
"أُحدٌ" مُوَشّىً بالصّحابةِ، كُلِّلت
         هاماتُهم بالرَّوحِ والرَّيحانِ
لزئيرِ "حَمزةَ" أنصَتَتْ نُونِيَّتِي
        بُحَّ الحنينُ، وذابتِ الشَّفتانِ


صلَّى عليكَ اللهُ يا مَنْ ذكْرُهُ
        يُحْيِي رَميمَ الفِكرِ والوُجدانِ
ويَرُدُّ صحراءَ الجَفاءِ عرائساً 
     مِن عَسْجدٍ يَصْدَحْنَ في بُستان
ما كنتَ نقشاً بالرّمالِ وَعابراً
       تُمحَى خُطاهُ بغَابرِ الأزمانِ
لله درُّكَ مِن عَصيٍّ عُودُهُ
     لم يكسروكَ، فَجَلَّ وَجهُ البانِي
أقسمتَ لو وضَعُوا الشموسَ بِراحةٍ 
        وقلائدًا من جَوهَرٍ وجُمانِ
لم تتركِ الأمرَ العظيمَ لمكْرِهِم
      وصَمَدتَ طَوداً ثابتَ الأركانِ
وصفوكَ، ما وصفوا سَرائرَ لَيّنٍ
     كالماءِ يَصفو، كالقِطافِ الدَّاني
يرفو رِداءَ الصّبرِ إذْ هَزئوا بهِ
       ويَمدُّ جِسرَ الحِلمِ للغضبانِ
ويُخاطبُ "السُّفها" بقَدْرِ عقولهِم
     رغمَ الجوامعِ أتْرِعَتْ ببَيانِ


ملكانِ شقَّا الصّدرَ فانبجَسَ الضِّيا
          نهراً يُهدهِدُ مَوجَهُ المَلَكانِ
سبحانَ مَن أسرى ومَنْ واسَى ومنْ
          ذابتْ برحمتهِ دُجَى الأحزانِ
فعرَجتَ بالجَسدِ الطَّهورِ مَنازلاً  
          ما مسّهَا كفٌّ ولا قدَمانِ
بُشراكِ يا أنوارُ ذاكَ "مُحمّدٌ"
         إلفُ التُّقى، وبُكورَةُ الإيمانِ
قاباً لقوسينِ دَنا، ما ضَلَّ، ما
         خُدِعَا، وما زاغَتْ به العَينانِ
نفسي فِداؤكَ يا نَبيُّ، فقيرةً           
         طَمِعَتْ بكنزِ شفاعةٍ وأمانِ
مَن لي بلَيلٍ أنتَ بَدرُ ظَلامِهِ 
        تتلو الضِّياءَ فيطرَبَ الثّقلانِ؟!
يا مُنتهى مِسْكِ الطُّيوبِ، وسِرَّها
        وخُلاصةً مَمزوجةً بحَنانِ
صلّى عليكَ اللهُ ما رفَّتْ علَى
       غُصْنِ الوجودِ دقائقٌ وثَوان
وأَوى إلى ليلٍ طويلٍ بَردُهُ
     أو أشرقَتْ شَمسٌ بدفءٍ حَانِ

مساحة إعلانية